منزلة القضاء

فعلت ذلك تبين لك القضاء " (1)
فيم يكون القضاء: والقضاء يكون في جميع الحقوق سواء أكانت حقوقا لله أم حقوقا للادميين.
وقد أفاد ابن خلدون " أن منصب القضاء استقر آخر الامر على أن يجمع مع الفصل بين الخصوم استيفاء بعض الحقوق العامة للمسلمين بالنظر في أحوال المحجور عليهم من المجانين واليتام والمفلسين وأهل السفه.
وفي وصايا المسلمين وأوقافهم وتزويج الايامى عند فقد أوليائهن على رأي من يراه.
والنظر في مصالح الطرقات والابنية وتصفح الشهود والامناء والنواب واستيفاء العلم والخبرة فيهم بالعدالة والجراح ليحصل له الوثوق بهم. وصارت هذه كلها من متعلقات وظيفته وتوابع ولايته " ا. هـ.
منزلة القضاء:
والقضاء فرض كفاية لدفع التظالم وفصل التخاصم ويجب على الحاكم أن ينصب للناس قاضيا ومن أبي أجبره عليه.
وإذا كان الانسان في جهة لا يصلح للقضاء غيره تعين

(1) رواه أحمد وأبو داود والترمذي

عليه ووجب عليه الدخول فيه.
وقد رغب الاسلام في الحكم بين الناس بالحق وجعله من الغبطة:
روى البخاري عن عبد الله بن عمر أن الرسول صلى
الله عليه وسلم قال: " لاحسد (1) إلا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق.
ورجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس ".
ووعد القاضي العادل بالجنة:
فعن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من طلب قضاء المسلمين حتى يناله ثم غلب عدله جوره فله الجنة، ومن غلب جوره عدله فله النار " (2) .
وعن عبد الله بن أبي أوفى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الله مع القاضي ما لم يجر فإذا جار تخلى الله عنه ولزمه الشيطان " (3) .

(1) المقصود بالحسد هنا الغبطة. وهي أن يتمى الانسان أن يكون له مثل ما لغيره.
(2) رواه أبو داود
(3) رواه ابن ماجه والترمذي وحسنه

أما ما جاء من الاحاديث في التحذير من الدخول في القضاء مثل ما رواه سعيد المغبري أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " من ولي القضاء فقد ذبح بغير سكين " (1) . (أي فقد تعرض لذبح نفسه وإهلاكها بتوليه القضاء) .
فإنها ترجع إلى الاشخاص الذين لاعلم لهم بالحق ولا قدرة لهم على الصدع به ولا يتمكنون من ضبط أنفسهم ولا كبح جماحها ومنعها من الميل إلى الهوى.
والذي يرشد إلى هذا حديث أبي ذر - رضي الله عنه - قال: قلت يا رسول الله: ألا تستعملني؟ قال: فضرب بيده على منكبي ثم قال: يا أبا ذر إنك ضعيف.
وإنها أمانة (2) وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها " (3) .
وعن أبي موسى الاشعري قال: دخلت على النبي

(1) رواه أبو داود والترمذي وقال حسن غريب من هذا الوجه.
(2) أي أنها تكليف شاق يستلزم القيام بحقوق الناس على الوجه الذي يحقق كل مطالبهم.
(3) رواه مسلم