الصلح عن إنكار، الصلح عن سكوت

أن يسترد بدل الصلح لانه ما دفعه إلا ليسلم له ما في يده.
وإذا استحق البدل رجع المدعي على المدعى عليه لانه ما ترك المدعى إلا ليسلم له البدل.
الصلح عن إنكار:
والصلح عن إنكار: هو أن يدعي شخص على آخر عينا أو دينا أو منفعة فينكر ما ادعاه ثم يتصالحا.
الصلح عن سكوت:
والصلح عن سكوت: هو أن يدعي شخص على آخر ما ذكر فيسكت المدعى عليه، فلا يقر ولا ينكر.
حكم الصلح عن إنكار وسكوت: وقد ذهب الجمهور من العلماء إلى جواز الصلح عن الانكار والسكوت.
وقال الامام الشافعي وابن حزم: لا يجوز إلا الصلح عن إقرار.
لان الصلح يستدعي حقا ثابتا ولم يوجد في حال الانكار والسكوت.
أما في حال الانكار فلان الحق لا يثبت إلا بالدعوى وهي معارضة بالانكار، ومع التعارض لا يثبت الحق.
وأما في حال السكوت فلان الساكت يعتبر منكرا حكما حتى تسمع عليه البينة.
وبذل كل منهما المال لدفع الخصومة

غير صحيح. لان الخصومة باطلة، فيكون البذل في معنى الرشوة، وهي ممنوعة شرعا لقول الله تعالى: " ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالاثم وأنتم تعلمون " (1) .
وقد توسط بعض العلماء فلم يمنعه بإطلاق ولم يبحه بإطلاق.
فقال: والاولى أن يقال: إن كان المدعي يعلم أن له حقا عند خصمه جاز له قبض ما صولح عليه.
وإن كان خصمه منكرا وإن كان يدعي باطلا فإنه يحرم عليه الدعوى، وأخذ ما صولح به.
والمدعى عليه إن كان عنده حق يعلمه، وإنما ينكر لغرض وجب عليه تسليم ما صولح عليه.
وإن كان يعلم أنه ليس عنده حق جاز له إعطاء جزء من ماله في دفع شجار غريمه وأذيته.
وحرم على المدعي أخذه. وبهذا تجتمع الادلة: فلا يقال الصلح على الانكار لا يصح، ولا أنه يصح على الاطلاق. بل يفصل فيه (2) .

(1) سورة البقرة الآية رقم 188.
(2) من كتاب " فتح العلام شرح بلوغ المرام "