فيصالح المدين على أخذ بعض دينه وترك البعض الاخر.
شروط المصالح به:
1 - أن يكون مالا متقوما مقدور التسليم، أو يكون منفعة.
2 - أن يكون معلوما علما نافيا للجهالة الفاحشة المؤدية إلى النزاع إن كان يحتاج إلى التسلم والتسليم.
قال الاحناف: فإن كان لا يحتاج إلى التسليم والتسلم فإنه لا يشترط العلم به، كما إذا ادعى كل من رجلين على صاحبه شيئا، ثم تصالحا على أن يجعل كل منهما حقه بدل صلح عما للاخر.
ورجح الشوكاني جواز الصلح بالمجهول عن المعلوم.
فعن أم سلمة، رضي الله عنها، قالت: " جاء رجلان يختصمان إلى رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم، فإ مواريث بينهما قد درست (1) ليس بينهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إنكم تختصمون إلى رسول الله، وإنما أنا بشر (2)
(1) درست: أي قدم عليها العهد حتى ذهبت معالمها.
(2) بشر: يطلق على الواحد وعلى الجمع.
ولعل بعضكم ألحن (1) بحجته من بعض. وإنما أقضي بينكم على نحو ما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئا فلا يأخذه، فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها إسطاما (2) في عنقه يوم القيامة. فبكى الرجلان وقال كل واحد منهما: حقي لاخي. فقال رسول الله، صلى الله عليه وآله وسلم: أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما ثم توخيا (3) الحق. ثم استهما (4) ثم ليحلل (5) كل واحد منكما صاحبه ". رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
وفي رواية لابي داود: " وإنما أقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علي فيه ".
قال الشوكاني: وفيه دليل على أنه يصح الابراء عن المجهول، لان
(1) ألحن: أبلغ.
(2) إسطاما: الحديدة التي تحرك بها النار.
(3) توخيا: اقصدا.
(4) استهما: أي ليأخذ كل واحد منكما ما تخرجه القرعة بعد القسمة.
(5) ثم ليحلل: أي ليسأل كل واحد صاحبه أن يجعله في حل من قبله بإبراء ذمته.