ما قطع من الحي

النصب (1) وأن تستقسموا بالازلام ذلكم فسق ".
وهذا تفصيل للاجمال المذكور في قوله سبحانه: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به " (2) .
فإنه ذكر هنا أربعة أشياء مجملة، وذكر في الاية السابقة تفصيلها فلا تنافي بين الايتين.
ما قطع من الحي:
ويلحق بهذه المحرمات ما قطع من الحي.
لحديث أبي واقد الليثي قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " ما قطع من البهيمة وهي حية فهو ميتة ".
رواه أبو داود والترمذي وحسنه، قال: والعمل على هذا عند أهل العلم.
ويستثنى من ذلك: (أ) : ميتة السمك والجراد فإنها طاهرة لحديث ابن

(1) " وما ذبح على النصب " أي ما ذبح وقصد به تعظيم الطاغوت. والطاغوت: كل ما عبد من دون الله.
(2) سورة الانعام آية رقم 145.

عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: " أحل لنا ميتتان ودمان.
أما الميتتان فالحوت (1) والجراد، واما الدمان: فالكبد والطحال ".
رواه أحمد والشافعي وابن ماجه والبيهقي والدارقطني.
والحديث ضعيف، لكن الامام أحمد صحح وقفه، كما قاله أبو زرعة وأبو حاتم، ومثل هذا له حكم الرفع، لان قول الصحابي: أحل لنا كذا وحرم علينا كذا، مثل قوله: أمرنا ونهينا - وقد تقدم ما يؤكد هذا الحديث.
وإذا كانت الميتة محرمة فالمقصود بالتحريم أكل اللحم، أما ما عداه فهو طاهر يحل الانتفاع به.
(ب) : فعظم الميتة وقرنها وظفرها وشعرها وريشها وجلده وكل ما هو من جنس ذلك طاهر.
لان الاصل في هذه كلها الطهارة، ولا دليل على النجاسة.
قال الزهري في عظام الموتى، نحو الفيل وغيره: " أدركت ناسا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون فيها، لا يرون به بأسا ".
رواه البخاري.

(1) الحوت: السمك.

وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، قال: " تصدق على مولاة لميمونة بشاة فماتت، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " هلا أخذتم إهابها فدبغتموه فانتفعتم به؟ فقالوا: إنها ميتة، فقال: " إنما حرم أكلها ". رواه الجماعة إلا ابن ماجه، قال فيه عن ميمونة.
وليس في البخاري ولا النسائي ذكر الدباغ.
وعن ابن عباس، رضي الله عنهما، أنه قرأ هذه الاية: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما " وقال: " إنما حرم ما يؤكل منها وهو اللحم، فأما الجلد والقد (1) والسن والعظم والشعر والصوف فهو حلال ". رواه ابن المنذر وابن حاتم.
وكذلك إنفحة الميتة وليتها طاهر لان الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا من جبن المجوس وهو يعمل بالانفحة مع أن ذبائحهم تعتبر كالميتة.
وقد ثبت عن سلمان الفارسي، رضي الله عنه، أنه سئل عن شئ من الجبن والسمن والفراء، فقال: الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما

(1) القد: بكسر القاف الاناء من الجلد.