الحلال من الحيوان البري

أما غيره من العلماء فيرى أن جميع ما يكون في البحر بالفعل تحل ميتته، ولو كان يمكن أن يعيش في البر، إلا الضفدع للنهي عن قتلها.
فعن عبد الرحمن بن عثمان رضي الله عنه أن طبيبا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن ضفدع يجعلها في دواء فنهاه عن قتلها.
رواه أبو داود والنسائي وأحمد وصححه الحاكم (1) .
الحلال من الحيوان البري:
والحلال من الحيوان البري المنصوص عليه نذكره فيما يلي: بهيمة الانعام، بقول الله تعالى: " والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون " (2) .
ويقول جل شأنه: " يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود أحلت لكم بهيمة الانعام إلا ما يتلى عليكم " (3) .
وبهيمة الانعام هي: الابل والبقر ومنه الجاموس والغنم

(1) القول بتحريم الضفدع فيه نظر وسيأتي تحقيق ذلك في هذا الباب.
(2) سورة النحل آية رقم 5.
(3) سورة المائدة آية رقم 1.

ويشمل الضأن والمعز ويلحق بها بقر الوحش وإبل الوحش والظباء، فهذه كلها حلال بالاجماع، وثبت في السنة الترخيص في: الدجاج (1) والخيل (2) وحمار الوحش (3) والضب والارنب (4) والضبع (5) والجراد (6) والعصافير.
" عن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، فيما رواه مسلم في صحيحه، عن أبي الزبير قال: سألت جابرا عن الضب فقال: لا تطعموه وقذره.
وقال: قال عمر بن الخطاب، إن النبي، صلى الله عليه وسلم، لم يحرمه، إن الله ينفع به غير واحد، وإنما طعام عامة الرعاة منه، ولو كان عندي طعمته ".
وقال ابن عباس، رواية عن خالد بن الوليد، رضي الله عنهما، أنه دخل مع رسول الله، صلى الله عليه وسلم،

(1) رواه البخاري، ومسلم الترمذي والنسائي، ومثله الاوز والبط والرومي.
(2) رواه البخاري، ويرى مالك وأبو حنيفة أنها مكروهة لان الله تعالى ذكرها وبين أنها معدة للركوب والزينة ولم يذكر الاكل.
(3) رواه البخاري ومسلم.
(4) رواه البخاري ومسلم.
(5) رواه الترمذي.
(6) رواه البخاري ومسلم.

على خالته ميمونة بنت الحارث فقدمت إلى رسول الله لحم ضب جاءها مع قريبة لها من نجد، وكان رسول الله، صلى الله عليه وسلم، لا يأكل شيئا حتى يعلم ما هو - فاتفق النسوة ألا يخبرنه حتى يرين كيف يتذوقه ويعرفه إن ذاقه، فلما أن سأل عنه وعلم به تركه وعافه، فسأله خالد: أحرام هو؟ قال: لا، ولكنه طعام ليس في قومي فأجدني أعافه، قال خالد: فاجتررته إلى فأكلته ورسول الله ينظر.
وروي عن عبد الرحمن بن عمار قال: سألت جابر بن عبد الله عن الضبع، آكلها؟ قال: نعم.
قلت: أصيد هي؟ قال: نعم.
قلت: فأنت سمعت ذلك من رسول الله، صلى الله عليه وسلم؟ قال: نعم.
رواه الترمذي بسند صحيح.
وممن ذهب إلى جواز أكله الشافعي وأبو يوسف ومحمد وابن حزم.
وقال الشافعي فيه: إن العرب تستطيبه وتمدحه ولا يزال يباع ويشترى بين الفا والمروة من غير نكير.
ويري بعض العلماء أنه حرام لانه سبع، ولكن الحديث حجة عليهم.
وذكر أبو داود وأحمد أن ابن عمر سئل عن القنفذ

فتلا: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ".
فقال شيخ عنده: سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " خبيثة من الخبائث ".
فقال ابن عمر: إن كان قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، هذا فهو كما قال.
وهذا الحديث من رواية عيسى ابن نميلة وهو ضعيف، قال الشوكاني: فلا يصلح الحديث لتخصيص القنفذ من أدلة الحل العامه، وبناء على ما قاله الشوكاني يكون أكله حلالا.
وقال مالك وأبو ثور ويحكى عن الشافعي والليث أنه لا بأس بأكله، لان العرب تستطيبه ولان حديثه ضعيف. وكرهه الاحناف.
وقالت عائشة في الفأرة: ما هي بحرام، وقرأت: " قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه ".
وعند مالك لا بأس بأكل خشاش الارض وعقاربها ودودها، ولا بأس بأكل فراخ النحل ودود الجبن والتمر ونحوه.
قال القرطبي: وحجته قول ابن عباس وأبي الدرداء: " ما أحل الله فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما

سكت عنه فهو عفو ".
قال أحمد في الباقلاء المدود: تجنبه أحب إلي، وإن لم يستقذر فأرجو (أي أنه لا يكون في أكله بأس) .
وقال عن تفتيش التمر المدود: لا بأس به، وقد روي عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه أتي بتمر عتيق فجعل يفتشه ويخرج السوس منه وينقيه.
قال ابن قدامة: وهو أحسن.
ويرى ابن شهاب وعروة والشافعي والاحناف وبعض علماء أهل المدينة أنه لا يجوز أكل شئ من خشاش الارض وهو امها مثل الحيات والفأرة وما أشبه ذلك وكل ما يجوز قتله فلا يجوز عند هؤلاء أكله، ولا تعمل الذكاة عندهم فيه.
وقال الشافعي: لا بأس بالوبر واليربوع.
وفي أكل العصافير يقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: " ما من إنسان قتل عصفورا فما فوقها بغير حقها إلا سأله الله تعالى عنها.
قيل: يا: رسول الله، وما حقها؟ قال: يذبحها فيأكلها ولا يقطع رأسها يرمي بها " رواه النسائي.
وأكل بعض الصحابة مع النبي، صلى الله عليه وسلم، لحم الحباري " طائر ".