متى يسقط الحق، من أحيا أرض غيره دون علمه

متى يسقط الحق:
من أمسك أرضا وعلمها بعلم أو أحاطها بحائط ثم لم يعمرها بعمل سقط حقه بعد ثلاث سنين.
عن سالم بن عبد الله أن عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، قال على المنبر: من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر حق بعد ثلاث سنين.
وذلك أن رجالا كانوا يحتجرون من الارض ما لا يعملون (1) .
وعن طاووس قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:" عادي الارض لله وللرسول، ثم لكم من بعد، فمن أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لمحتجر بعد ثلاث سنين " (2) .
من أحيا أرض غيره دون علمه:
إن ما جرى عليه عمل عمر بن الخطاب وعمر بن عبد العزيز: أنه إذا عمر المرء أرضا من الاراضي ظانا إياها من الاراضي الساقطة، أي غير المملوكة لاحد، ثم جاء رجل

(1) أي لا يستثمرونه.
(2) رواه أبو عبيد في الاموال وقال: عادي الارض التي بها مساكن في آباد الدهر فانقرضوا. نسبهم إلى عاد لانهم مع تقدمهم ذوو قوة وآثار كثيرة. فنسب كل أثر قديم إليهم.

آخر وأثبت أنها له، خير في أمره: إما أن يسترد من العامر أرضه بعد أن يؤدي إليه أجرة عمله، أو يحيل إليه حق الملكية بعد أخذ الثمن.
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: " من أحيا أرضا ميتة فهي له، وليس لعرق ظالم حق " (1) .
إقطاع الارض والمعادن والمياه: يجوز للحاكم العادل أن يقطع بعض الافراد من الارض الميتة والمعادن والمياه ما دامت هناك مصلحة (2) .
وقد فعل ذلك الرسول، صلى الله عليه وسلم، كما
فعله الخلفاء من بعده، كما يتضح من الاحاديث الاتية:
1 - عن عروة بن الزبير أن عبد الرحمن بن عوف قال: أقطعني رسول الله، صلى الله عليه سلم، وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه منهم فأتى عثمان فقال: إن عبد الرحمن ابن عوف زعم أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطعه

(1) كتاب ملكية الارض.
(2) إذا لم تكن هناك مصلحة من الاقطاع كما يفعل الحكام الظالمون من إعطاء بعض الافراد محاباة له بغير حق فإنه لا يجوز.

وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا، وإني اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان: عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه. رواه أحمد.
2 - وعن علقمة بن وائل عن أبيه أن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطعه أرضا في حضر موت.
3 - وعن عمر بن دينار قال: لما قدم النبي، صلى الله عليه وسلم، المدينة أقطع أبا بكر وأقطع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
4 - وعن ابن عباس قال: أقطع النبي، صلى الله عليه وسلم، بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جلسيها (1) وغوريها. أخرجه أحمد وأبو داود.
قال أبو يوسف:
" فقد جاءت هذه الاثار بأن النبي، صلى الله عليه وسلم، أقطع أقواما، وأن الخلفاء من بعده أقطعوا.
ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاح فيما فعل من ذلك، إذ كان فيه تأليف على الاسلام وعمارة الارض.
وكذلك الخلفاء إنما أقطعوا من رأوا أن له غناء في الاسلام ونكاية

(1) القبلية: نسبة إلى قبل مكان بساحل البحر.
والجلس: المرتفع من الارض، والغور: المنخفض منها.