الشروط في البيع

قال أصحابه: ومعنى هذا الكلام أن الجائحة إذا كانت دون الثلث كان من مال المشتري، وما كان أكثر من الثلث فهو من مال البائع.
واستدل من تأول الحديث على معنى الندب والاستحباب دون الايجاب: بأنه أمر حدث بعد استقرار ملك المشتري عليها، فلو أراد أن يبيعها أو يهبها لصح ذلك منه فيها.
وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن ربح ما لم يضمن.
فإذا صح بيعها ثبت أنها من ضمانه.
وقد نهى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها.
فلو كانت الجائحة بعد بدو الصلاح من مال البائع لم يكن لهذا النهي فائة. اه
الشروط في البيع:
الشروط في البيع قسمان: القسم الاول: صحيح لازم.
القسم الثاني: مبطل للعقد.
فالاول: ما وافق مقتضى العقد، وهو ثلاثة أنواع:

1 - شرط يقتضيه البيع، كشرط التقابض وحلول الثمن.
2 - شرط ما كان من مصلحة العقد، مثل شرط تأجيل الثمن، أو تأجيل بعضه، أو شرط صفة معينة في المبيع، كأن تكون الدابة لبونا أو حاملا، وكأن يكون البازي صيودا فإذا وجد الشرط لزم البيع.
وإن لم يوجد الشرط كان للمشتري فسخ العقد لفوات الشرط.
يقول الرسول صلوات الله وسلامه عليه: (المسلمون على شروطهم) .
وكان له أيضا أن ينقص من قيمة السلعة بقدر فقد الصفة المشروطة.
3 - شرط ما فيه نفع معلوم للبائع أو المشتري، كما لو باع دارا واشترى منفعتها مدة معلومة كأن يسكنها شهرا أو شهرين.
وكذلك لو باع دابة واشترط أن تحمله إلى موضع معين.
لما رواه البخاري ومسلم، أن جابرا باع النبي، صلى الله عليه وسلم، جملا، واشترط ظهره إلى المدينة. متفق عليه.
وكذلك يصح أن يشترط المشتري على البائع نفعا معلو ما، كحمل ما باعه إلى موضع معلوم (1) أو تكسيره

(1) فإن لم يكن معلوما لم يصح الشرط: فلو شرط الحمل إلى منزله، والبائع لا يعرفه لم يصح الشرط.

أو خياطته أؤ تفصيله.
وقد اشترى محمد بن مسلمة حزمة حطب من نبطي وشارطه على حملها، واشتهر ذلك فلم ينكر.
وهذا مذهب أحمد والاوزاعي وأبي ثور وإسحاق وابن المنذر.
وذهب الشافعي والاحناف إلى عدم صحة هذا البيع، لان النبي، صلى الله عليه وسلم، نهى عن بيع وشرط.
ولكن هذا النهي لم يصح. وإنما نهى عن شرطين في بيع.
القسم الثاني من الشروط:
الشرط الفاسد، وهو أنواع:
1 - ما يبطل العقد من أصله، كأن يشترط على صاحبه عقدا آخر، مثل قول البائع للمشتري: أبيعك هذا على أن تبيعني كذا أو تقرضني.
ودليل ذلك قول الرسول، صلى الله عليه وسلم: " لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع ". رواه الترمذي وصححه.
قال أحمد: وكذلك كل ما في معنى ذلك، مثل أن يقول: بعتك على أن تزوجني ابنتك أو على أن أزوجك ابنتي، فهذا كله لا يصح، وهو قول أبي حنيفة والشافعي