اليمين الغموس وحكمها

اليمين الغموس وحكمها:
واليمين الغموس وتسمى أيضا: الصابرة - وهي اليمين الكاذبة التي تهضم بها الحقوق، أو التي يقصد بها الغش والخيانة.
وهي كبيرة من كبائر الاثم - ولا كفارة فيها (1) - لانها أعظم من أن تكفر، وسميت غموسا لانها تغمس صاحبها في نار جهنم.
وتجب التوبة منها.
ورد الحقوق إلى أصحابها إذا ترتب عليها ضياع هذه الحقوق.
يقول الله سبحانه: (ولا تتخذوا أيمانكم دخلا بينكم.
فتزل قدم بعد ثبوتها وتذوقوا السوء بما صددتم عن سبيل الله ولكم عذاب عظيم) (2) .
1 - وروى أحمد، رضي الله عنه وأبو الشيخ عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خمس ليس لهن كفارة: الشرك بالله، وقتل النفس بغير حق، وبهت مؤمن، ويمين صابرة يقطع بها مالا

(1) وقال الشافعي ورواية عن أحمد رضي الله عنهما - فيها الكفارة.
(2) سورة النحل آية رقم 94.

بغير حق) .
2 - وروى البخاري عن عبد الله بن عمر، رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الكبائر: الاشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس) .
3 - وروى أبو داود عن عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من حلف على يمين مصبورة (1) كاذبا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار) .

(1) مصبورة: أي ألزم بها وحبس عليها - وكانت لازمة من جهة الحكم.
مبنى الايمان على العرف والنية: أمر الايمان مبني على العرف الذي درج عليه الناس لا على دلالات اللغة ولا على اصطلاحات الشرع، فمن حلف أن لا يأكل لحما، فأكل سمكا فإنه لا يحنث وإن كان الله سماه لحما، إلا إذا نواه، أو كان يدخل في عموم اللحم في عرف قومه.
ومن حلف على شئ وورى بغيره فالعبرة بنيته لا بلفظه، إلا إذا حلفه غيره على شئ، فالعبرة بنية المحلف لا الحالف، وإلا لم يكن للايمان فائدة في

التقاضي.
قال النووي: إن اليمين على نية الحالف في كل الاحوال، إلا إذا استحلفه القاضي أو نائبه في دعوى توجهت عليه فهي على نية القاضي أو نائبه، ولا تصح التورية هنا وتصح في كل حال، ولا يحنث بها وإن كانت للباطل حراما.
والدليل على أن العبرة بنية الحالف إلا إذا حلفه غيره، ما رواه أبو داود وابن ماجه عن سويد بن حنظلة قال: خرجنا نريد النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل ابن حجر، فأخذه عدو له، فتحرج القوم أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي، فخلى سبيله، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبرته أن القوم تحرجوا أن يحلفوا، وحلفت أنه أخي.
قال: (صدقت، المسلم أخو المسلم) .
والدليل على أن العبرة بنية المستحلف إذا استحلف على شئ، ما رواه مسلم وأبو داود والترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (اليمين على نية المستحلف) .
وفي رواية: (يمينك على ما يصدقك عليه صاحبك) .
والصاحب هو المستحلف، وهما طالبا اليمين.