الطرار، المسجد حرز، السرقة من الدار

الطرار:
واختلفوا في الطرار (1) .
فقالت طائفة: يقطع مطلقا سواء أوضع يده داخل الكم وأخرج المال أو شق الكم فسقط المال فأخذه.
وهو قول مالك، والاوزاعي وأبي ثور، ويعقوب، والحسن، وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة، ومحمد بن الحسن، وإسحق: إن كانت الدراهم مصرورة في ظاهر كمه فطرها فسرقها لم يقطع، وإن كانت مصرورة إلى داخل الكم فأدخل يده فسرقها قطع.
المسجد حرز:
والمسجد حرز لما يعتاد وضعه فيه من البسط والحصر والقناديل والنجف.
وقد قطع رسول الله صلى الله عليه وسلم سارقا سرق ترسا كان في صفة النساء في المسجد ثمنه ثلاثة دراهم.
أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائي.
وكذلك إذا سرق باب المسجد أو ما يزين به مما له قيمة، لانه مال محرز لا شبهة فيه.
وخالف الشافعية في قناديل المسجد وحصرها، فمن سرقها لا يقطع، لان ذلك جعل لمنفعة المسلمين، وللسارق فيها حق.
اللهم إلا إذا كان السارق ذميا فإنه يقطع، لانه لا حق له فيها.
السرقة من الدار:
اتفق الفقهاء على أن الدار لا تكون حرزا إلا إذا كان بابها مغلقا.
كما اتفقوا على أن من سرق من دار غير مشتركة في السكنى لا يقطع حتى يخرج من الدار.
واختلفوا في مسائل من ذلك ذكرها صاحب كتاب الافصاح عن معاني الصحاح فقال:

(1) الطرار هو الذي يشق كم الرجل ويأخذ ما فيه. مأخوذ من الطر وهو الشقي (وهو ما بسمى بالنشال) .

واختلفوا فيما إذا اشترك اثنان في نقب دار فدخل أحدهما فأخذ المتاع وناوله الاخر وهو خارج الحرز وهكذا إذا رمى به إليه فأخذه.
فقال مالك والشافعي وأحمد: القطع على الداخل دون الخارج.
وقال أبو حنيفة: لا يقطع منهما أحد.
واختلفوا فيما إذا اشترك جماعة في نقب ودخلوا الحرز وأخرج بعضهم نصابا ولم يخرج الباقون شيئا ولم يكن منهم معاونة في إخراجه.
فقال أبو حنيفة وأحمد: يجب القطع على جماعتهم.
وقال مالك والشافعي: لا يقطع إلا الذين أخرجوا المتاع واختلفوا فيما إذا قرب الداخل المتاع إلى النقب وتركه فأدخل الخارج يده فأخرجه من الحرز.
فقال أبو حنيفة: لا قطع عليهما.
وقال مالك: يقطع الذي أخرجه قولا واحدا وفي الداخل الذي قربه خلاف بين أصحابه على قولين.
وقال الشافعي: القطع على الذي أخرجه خاصة.
وقال أحمد: عليهما القطع جميعا.
وذكر الشيخ أبو إسحاق في المهذب قال: " وإن نقب رجلان حرزا فأخذ أحدهما المال ووضعه على بعض النقب وأخذه الاخر ففيه قولان: أحدهما أنه يجب عليهما القطع لانا لو لم نوجب عليهما القطع صار هذا طريقا إلى إسقاط القطع، والثاني: أنه لا يقطع واحد منهما كقول أبي حنيفة وهو الصحيح، لان كل واحد منهما لم يخرج المال من الحرز.
وإن نقب أحدهما الحرز ودخل الاخر وأخرج المال ففيه طريقان، من أصحابنا من قال: فيه قولان كالمسألة قبلها ومنهم من قال: لا يجب القطع قولا واحدا لان أحدهما نقب ولم يخرج المال والاخر أخرج من غير حرز ".
بم يثبت الحد؟ وهل يتوقف على طلب المسروق منه؟: لا يقام الحد إلا إذا طالب المسروق منه بإقامته (1) لان مخاصمته المجني عليه

(1) هذا مذهب أبي حنيفة وأحمد في أظهر روايتيه وأصحاب الشافعي وقال مالك: لا يفتقر إلى المطالبة.