المسلم والكافر سواء

المسلم والكافر سواء:
وكما يجب الحد على المسلم إذا ثبت منه الزنا فإنه يجب على الذمي والمرتد، لان الزمي قد التزم الاحكام التي تجري على المسلمين، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم رجم يهوديين زنيا وكانا محصنين.
وأما المرتد فإن جريان أحكام الاسلام تشمله، ولا يخرجه الارتداد عن تنفيذها عليه.
عن ابن عمر: أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم قدزنيا.
فقال: " ما تجدون في كتابكم؟ " فقال: تسخم وجوههما ويخزيان.
" قال: كذبتم إن فيها الرجم، فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين ".
وجاء وابقارئ لهم فقرأ حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له: ارفع يدك، فرفع يده فإذا هي تلوح.
فقال - أو قالوا - يا محمد: " إن فيها الرجم، ولكنا كنانتكاتمه بيننا " فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما.
قال: فلقد رأيته يجنأ عليها يقيها الحجارة بنفسه ".
رواه البخاري ومسلم وفي رواية أحمد: " بقارلهم أعور يقال له ابن صوريا ".
وعن جابر بن عبد الله قال: رجم النبي صلى الله عليه رجلا من أسلم ورجلا من اليهود (1) رواه أحمد ومسلم.
وعن البراء بن عازب قال: " مر على النبي صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم مجلود فدعاهم.
فقال: أهكذا تجدون حد الزنا في كتابكم؟ قالوا: نعم.
فدعا رجلا من علمائهم فقال: أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى، أهكذا تجدون حد الزنى في كتابكم.
؟ قال: لا. ولولا أنك أنشدتني بهذا لم أخبرك بحد الرجم.
ولكن كثر في أشرافنا، وكنا إذا أخذنا الشريف تركناه، وإذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه

(1) فإن قيل كيف رجم اليهوديان، هل رجما بالبينة أو الاقرار قال النووي - الظاهر أنه بالاقرار

الحد.
فقلنا: تعالوا فلنجتمع على شئ نقيمه على الشريف والوضيع، فجعلنا التحميم والجلد مكان الرجم.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " اللهم إني أول من أحيا أمرك إذا أماتوه ".
فأمر به فرجم. فأنزل الله عزوجل: " يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر من الذين قالوا آمنا بأقواههم ولم تؤمن قلوبهم " إلى قوله: " إن أوتيتم هذا فخذوه ".
يقولون: " ائتوا محمدا، فإن أمركم بالتحميم والجلد فخذوه، وإن أفتاكم بالرجم فاحذروا ".
فأنزل الله تبارك وتعالى: " ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ".
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ".
" ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون ".
قال: " هي في الكفار كلها ".
رواه أحمد ومسلم وأبو داود (1) .
رأي الفقهاء: حكى صاحب البحر الاجماع على أنه يجلد الحربي.
وأما الرجم فذهب الشافعي وأبو يوسف والقاسمية إلى أنه يرجم المحصن

(1) نص خاص بحكم الرجم في التوراة.
جاء في سفر التثنية: " إذا وجد رجل مضطجعا مع امرأة زوجة بعل يقتل الاثنان.
الرجل المضطجع مع المرأة، والمرأة، فينزع الشر من إسرائيل.
وإذا كانت فتاة عذراء مخطوبة لرجل، فوجدها رجل بالمدينة، فاضطجع معها،
فأخرجوهما كليهما من المدينة وارجموهما بالحجارة، حتى يموتا، الفتاة من أجل أنها لم تصرخ في المدينة، والرجل من أجل أنه أذل امرأة صاحبه، فينزع الشر من المدينة ".
هذا هو نص التوراة، ولم يأت في الانجيل ما يعارضها وهي واجبة على النصارى بحكم أن ما في العهد القديم - وهو التوراة - حجة على النصارى إذا لم يكن في العهد الجديد - وهو الانجيل - ما يخالفها.
من كتاب فلسفة العقوبة.

من الكفار إذا كان بالغا، عاقلا، حرا، وكان أصاب نكاحا صحيحا في اعتقاده.
وذهب أبو حنيفة، ومحمد، وزيد بن علي، والناصر، والامام يحيى: إلى أنه يجلد ولا يرجم، لان الاسلام شرط في الاحصان عندهم.
ورجم رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهوديين إنما كان بحكم التوراة التي يدين بها اليهود.
وقال الامام يحيى: والذمي كالحربي في الخلاف.
وقال مالك: لاحد عليه.
وأما الحربي المستأمن فذهبت العترة والشافعي وأبو يوسف إلى أنه يحد وذهب مالك وأبو حنيفة ومحمد: إلى أنه لا يحد.
وقد بالغ ابن عبد البر فنقل الاتفاق على أن شرط الاحصان الموجب للرجم هو الاسلام.
وتعقب بأن الشافعي وأحمد لا يشترطان ذلك.
ومن جملة من قال بأن الاسلام شرط: ربيعة - شيخ مالك - وبعض الشافعية (1) .
الجمع بين الجلد والرجم: ذهب ابن حزم وإسحاق ببن راهواية ومن التابعين الحسن البصري: إلى أن المحصن يجلد مائة جلدة، ثم يرجم حتى يموت.
فيجمع له بين الجلد والرجم.
واستدلوا بما رواه عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم ".
رواه مسلم، وأبو داود، والترمذي.
وعن علي كرم الله وجهه: أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة.
فقال: أجلدها بكتاب الله، وأرجمها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(1) نيل الاوطار.