العزل وتحديد النسل

وكقوله " أنى شئتم " أي كيف شئتم.
وسبب نزول هذه الابة ما رواه البخاري ومسلم: " ان اليهود كانت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تزعم أن الرجل إذا أتى امرأته من دبرها في قبلها جاء الولد أحول، وكان الانصار يتبعون اليهود في هذا، فأنزل الله عزوجل: " نساؤكم حرث لكم، فأتوا حرثكم أنى شئتم ".
أي أنه لاحرج في إتيان النساء بأي كيفية، مادام ذلك في الفرج، وما دمتم تقصدون الحرث.
وقد جاءت الاحاديث صريحة في النهي عن إتيان المرأة في دبرها.
روى أحمد، والترمذي، وابن ماجه.
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تأتوا النساء في أعجازهن. أو قال: في أدبارهن ". ورواته ثقات.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الذي يأتي امرأته في دبرها " هي اللوطية الصغرى ".
وعند أحمد وأصحاب السنن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ملعون من أتى امرأة في دبرها ".
قال ابن تيمية: ومتى وطئها في الدبر، وطاوعته عزرا جميعا، وإلا فرق بينهما كما يفرق بين الفاجر ومن يفجر به.
العزل وتحديد النسل (1) :
تقدم ان الاسلام يرغب في كثرة النسل.
إذ أن ذلك مظهر من مظاهر القوة والمنعة بالنسبة للامم والشعوب. " وإنما العزة للكاثر ". ويجعل ذلك من أسباب مشروعية الزواج: " تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الامم يوم القيامة ".
إلا أن الاسلام مع ذلك لايمنع في الظروف الخاصة من تحديد النسل باتخاذ دواء يمنع من الحمل، أو بأي وسيلة أخرى من الوسائل .

(1) العزل: هو أن ينزع الرجل بعد الايلاج لينزل خارج الفرج منعا للحمل

فيباح التحديد في حالة ما إذا كان الرجل معيلا (1) لايستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة.
وكذلك إذا كانت المرأة ضعيفة، أو كانت موصولة الحمل، أو كان الرجل فقيرا.
ففي مثل هذه الحالات يباح تحديد النسل بل إن بعض العلماء رأى أن التحديد في هذه الحالات لا يكون مباحا فقط، بل يكون مندوبا إليه.
وألحق الامام الغزالي بهذه الحالات حالة ما إذا خافت المرأة على جمالها، فمن حق الزوجين في هذه الحالة أن يمنعا النسل.
بل ذهب كثير من أهل العلم إلى إباحته مطلقا واستدلوا لمذهبهم بما يأتي:
1 - روى البخاري ومسلم عن جابر قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل.
2 - وروى مسلم عنه قال: كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا.
وقال الشافعي رحمه الله: ونحن نروي عن عدد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رخصوا في ذلك ولم يروا به بأسا.
وقال البيهقي: وقد روينا الرخصة فيه عن سعد بن أبي وقاص، وأبي أيوب الانصاري، وزيد بن ثابت، وابن عباس، وغيرهم.
وهو مذهب مالك والشافعي وقد اتفق عمر وعلي رضي الله عنهما على أنها لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات السبع.
فروى القاضي أبو يعلى وغيره بإسناده عن عبيد بن رفاعة عن أبيه قال: جلس إلى عمر علي والزبير وسعد رضي الله عنهم في نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتذاكروا العزل.
فقالوا لا بأس به.
فقال رجل: إنهم يزعمون أنها الموؤودة الصغرى.
فقال على رضي الله عنه: لا تكون موؤودة حتى تمر عليها التارات السبع، حتى تكون من سلالة من طين، ثم تكون نطفة، ثم تكون علقة ثم تكون مضغة.
ثم تكون عظاما ثم تكون لحما ثم تكون خلقا آخر، فقال عمر رضي الله عنه: صدقت أطال الله بقاءك.

(1) المعيل: كثير العيال