زواج نساء أهل الكتاب

سبب نزول هذه الآية:
1 - قال مقاتل: نزلت هذه الآية في أبي مرثد الغنوي، وقيل: في مرثد بن أبي مرثد، واسمه كناز بن حصين الغنوي.
بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مكة سرا ليخرج رجلا من أصحابه، وكانت له بمكة امرأة يحبها في الجاهلية، يقال لها " عناق " فجاءته فقال لها: إن الاسلام حرم ماكان في الجاهلية، قالت: فتزوجني. قال: حتى أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأتى رسول الله فاستأذنه، فنهاه عن التزوج بها لانه مسلم، وهي مشركة (1) .
2 - وروى السدي عن ابن عباس رضي الله عنهما: أن هذه الآية نزلت في عبد الله بن رواحة، وكانت له أمة سوداء، وأنه غضب عليها فالطمها. ثم انه فزع فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره خبرها. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: " ماهي يا عبد الله؟ ".
قال: هي يا رسول الله تصوم وتصلي وتحسن الوضوء، وتشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فقال: " يا عبد الله هي مؤمنة ".
قال عبد الله فوالذي بعثك بالحق لاعتقنها ولاتزوجنها، ففعل. فطعن عليه ناس من المسلمين، فقالوا نكح أمة، وكانوا يريدون أن ينكحوا إلى المشركين وينكحوهم رغبة في أنسابهم فأنزل الله: " ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ". الآية.
قال في المغني: وسائر الكفار غير أهل الكتاب - كمن عبد ما استحسن من الاصنام والاحجار والشجر والحيوان - فلاخلاف بين أهل العلم في تحريم نسائهم وذبائحهم.
قال: والمرتدة يحرم نكاحها على أي دين كانت
زواج نساء أهل الكتاب:
يحل للمسلم أن يتزوج الحرة من نساء أهل الكتاب لقول الله تعالى: " اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل

(1) الجامع لاحكام القرآن ج 3 ص 67.

لكم، وطعامكم حل لهم، والمحصنات من المؤمنات، والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم، إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ".
قال ابن المنذر: ولا يصح عن أحد من الاوائل أنه حرم ذلك.
وعن ابن عمر أنه كان إذا سئل عن زواج الرجل بالنصرانية أو
اليهودية، قال: حرم الله المشركات على المؤمنين، ولا أعرف شيئا من الاشراك أعظم من أن تقول المرأة ربها عيسى، أو عبد من عباد الله.
قال القرطبي.
قال النحاس: وهذا قول خارج عن قول الجماعة الذين تقوم بهم الحجة.
لانه قد قال بتحليل نكاح نساء أهل الكتاب من الصحابة والتابعين جماعة، منهم عثمان، وطلحة، وابن عباس، وجابر، وحذيفة.
ومن التابعين سعيد بن المسيب، وسعيد بن جبير، والحسن، ومجاهد، وطاووس، وعكرمة، والشعبي، والضحاك، وفقهاء الامصار.
ولا تعارض بين الآيتين، فان ظاهر لفظ " الشرك " لا يتناول أهل الكتاب لقول الله تعالى: " لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة " ففرق بينهم في اللفظ.
وظاهر العطف يقتضي المغايرة.
وتزوج عثمان رضي الله عنه نائلة بنت القراقصة الكلبية النصرانية، وأسلمت عنده.
وتزوج حذيفة يهودية من أهل المدائن.
وسئل جابر عن نكاح اليهودية والنصرانية فقال: تزوجنا بهن زمن الفتح مع سعد بن أبي وقاص.
كراهة الزواج منهن: والزواج بهن - وان كان جائزا - إلا أنه مكروه، لانه لا يؤمن أن يميل إليها فتفتنه عن الدين، أو يتولى أهل دينها.