زواج المتعة

الشرط - وهو الالتحاق بالوظيفة - معدوم حال التكلم، والمعلق على المعدوم معدوم.
فلم يوجد زواج.
أما إذا كان التعليق على أمر محقق في الحال فان الزواج ينعقد، مثل أن يقول: إن كانت ابنتك سنها عشرون سنة تزوجتها.
فيقول الاب: قبلت.
وسنها فعلا عشرون سنة.
وكذلك إن قالت: إن رضي أبي تزوجتك، فقال الخاطب، قبلت، وقال أبوها في المجلس: رضيت.
إذ أن التعليق في هذه الحال صوري، والصيغة في الواقع منجزة.
(2) الصيغة المضافة إلى زمن مستقبل: مثل أن يقول الخاطب: تزوجت ابنتك غدا أو بعد شهر: فيقول الاب: قبلت، فهذه الصيغة لا ينعقد بها الزواج، لا في الحال، ولا عند حلول الزمن المضاف إليه، لان الاضافة إلى المستقبل تنافي عقد الزواج الذي يوجب تمليك الاستمتاع في الحال.
(3) الصيغة المقترنة بتوقيت العقد بوقت معين: كأن يتزوج مدة شهر، أو أكثر، أو أقل فان الزواج لا يحل، لان المقصود من الزواج دوام المعاشرة للتوالد، والمحافظة على النسل، وتربية الاولاد.
ولهذا حكم الفقهاء على زواج المتعة والتحليل بالبطلان، لانه يقصد بالاول مجرد الاستمتاع الوقتي، ويقصد بالثاني تحليل الزوجة الاول.
وإليك تفصيل القول في كل منهما:
زواج المتعة: ويسمى الزواج المؤقت، والزواج المنقطع، وهو أن يعقد الرجل على المرأة يوما أو اسبوعا أو شهرا وسمي بالمتعة.
كأن لرجل ينتفع ويتبلغ بالزواج ويتمتع إلى الاجل الذي

وقته.
وهو زواج متفق على تحريمه بين أئمة المذاهب.
وقالوا: انه إذا انعقد يقع باطلا (1) واستدلوا على هذا: (أولا) : إن هذا الزواج لا تتعلق به الاحكام الواردة في القرآن بصدد الزواج، والطلاق، والعدة، والميراث، فيكون باطلا كغيره من الانكحة الباطلة.
(ثانيا) : أن الاحاديث جاءت مصرحة بتحريمه.
فعن سبرة الجهني: أنه غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم في فتح مكة فأذن لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة النساء.
قال: فلم يخرج منها حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي لفظ رواه ابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم المتعة فقال: (يا أيها الناس إني كنت أذنت لكم في الاستمتاع، ألا وان الله قد حرمها إلى يوم القيامة) .
وعن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن لحوم الحمر الاهلية) (2) .
(ثالثا) : أن عمر رضي الله عنه حرمها وهو على المنبر أيام خلافته، وأقره الصحابة رضي الله عنهم وما كانوا ليقروه على خطأ لو كان مخطئا.
(رابعا) : قال الخطابي: تحريم المتعة كالاجماع إلا عن بعض الشيعة،

(1) ويرى زفر إذا نص على توقيته بمدة. فالنكاح صحيح ويسقط شرط التوقيت. هذا إذا حصل العقد بلفظ التزويج فان حصل بلفظ المتعة فهو موافق للجماعة على البطلان.
(2) الصحيح ان المتعة انما حرمت عام الفتح لانه قد ثبت في صحيح مسلم انهم استمتعوا عام الفتح مع النبي صلى الله عليه وسلم باذنه ولو كان التحريم زمن، خيبر للزم النسخ مرتين. وهذا لا عهد بمثله في الشريعة البتة ولا يقع مثله فيها.
ولهذا اختلف أهل العلم في هذا الحديث فقال قوم فيه تقديم وتأخير وتقديره: ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر الاهلية يوم خيبر وعن متعة النساء ولم يذكر الوقت الذي نهى عنها فيه، وقد بينه حديث مسلم، وانه كان عام الفتح. اما الامام الشافعي فقد حمل الامر على ظاهره فقال: لا أعلم شيئا أحله الله ثم حرمه، ثم أحله ثم حرمه، إلا المتعة.

ولا يصح على قاعدتهم في الرجوع في المخالفات إلى علي، فقد صح عن علي أنها نسخت.
ونقل البيهقي عن جعفر بن محمد أنه سئل عن المتعة، فقال: هي الزنا بعينه.
(خامسا) : ولانه يقصد به قضاء الشهوة، ولا يقصد به التناسل، ولا المحافظة على الاولاد، وهي المقاصد الاصلية للزواج، فهو يشبه الزنا من حيث قصد الاستمتاع دون غيره.
ثم هو يضر بالمرأة، إذ تصبح كالسلعة التي تنتقل من يد إلى يد، كما يضر بالاولاد، حيث لا يجدون البيت الذي يستقرون فيه، ويتعهدهم بالتربية والتأديب.
وقد روي عن بعض الصحابة وبعض التابعين أن زواج المتعة حلال، واشتهر ذلك عن ابن عباس رضي الله عنه، وفي تهذيب السنن: وأما ابن عباس فانه سلك هذا المسلك في إباحتها عند الحاجة والضرورة، ولم يبحها مطلقا، فلما بلغه إكثار الناس منها رجع.
وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها.
قال الخطابي: ان سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت، وبم أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقالت فيه الشعراء.
قال: وما قالوا؟ قلت: قالوا: قد قلت للشيخ لما طال محبسه - يا صاح هل لك في فتيا ابن عباس؟ هل لك في رخصة الاطراف آنسة - تكون مثواك حتى رجعة الناس؟ فقال ابن عباس: (إنا لله وإنا إليه راجعون) ! والله ما بهذا أفتيت، ولا هذا أردت، ولا أحللت إلا مثل ما أحل الله الميتة والدم ولحم الخنزير، وما تحل إلا للمضطر، وما هي إلا كالميتة والدم ولحم الخنزير.

وذهبت الشيعة الامامية إلى جوازه، وأركانه عندهم:
1 - الصيغة: أي أنه ينعقد بلفظ (زوجتك) و (أنكحتك) و (متعتك)
2 - الزوجة: ويشترط كونها مسلمة أو كتابية، ويستحب اختيار المؤمنة العفيفة، ويكره بالزانية.
3 - المهر: وذكره شرط ويكفي فيه المشاهدة ويتقدر بالتراضي ولو بكف من بر.
4 - الاجل: وهو شرط في العقد.
ويتقرر بتراضيهما، كاليوم والسنة والشهر، ولا بد من تعيينه.
ومن أحكام هذا الزواج عندهم:
1 - الاخلال بذكر المهر مع ذكر الاجل يبطل العقد، وذكر المهر من دون ذكر الاجل يقلبه دائما ز 2 - ويلحق به الولد.
3 - لا يقع بالمتعة طلاق، ولا لعان.
4 - لا يثبت به ميراث بين الزوجين.
5 - أما الولد فإنه يرثهما ويرثانه.
6 - تنقضي عدتها إذا انقضى أجلها بحيضتين، إن كانت ممن تحيض، فإن كانت ممن تحيض ولم تحض فعدتها خمسة وأربعون يوما.
تحقيق الشوكاني: قال الشوكاني: وعلى كل حلا فنحن متعبدون بما بلغنا عن الشارع، وقد صح لنا عنه التحريم المؤبد.
ومخالفة طائفة من الصحابة له غير قادحة في حجيته، ولا قائمة لنا بالمعذرة عن العمل به، كيف والجمهور من الصحابة قد حفظوا التحريم وعملوا به، ورووه لنا؟ حتى قال ابن عمر - فيما أخرجه عنه ابن ماجه باسناد صحيح -: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أذن لنا في المتعة ثلاثا تم حرمها، والله لا أعلم أحدا تمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة) .