استحباب تعجيل العودة، الاحصار

فإذا عاد إلى مكة وأراد ال إلى بلاده طاف طواف الوداع، وهذا الطواف واجب.
وعلى تاركه أن يعود إلى مكة ليطوف طواف الوداع إن أمكنه الرجوع، ولم يكن قد تجاوز الميقات، وإلا ذبح شاة.
ويؤخذ من كل ما تقدم أن أعمال الحج والعمرة، هي الاحرام من الميقات، والطواف والسعي، والحلق، وبهذا تنتهي أعمال العمرة.
ويزيد عليها الحج الوقوف بعرفة، ورمي الجمار، وطواف الافاضة، والمبيت ب " منى "، والذبح، والحلق أو التقصير.
هذه هي خلاصة أعمال الحج والعمرة.

استحباب تعجيل ال:
عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " السفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه، فإذا قضى أحدكم نهمته (1) فليعجل إلى أهله " رواه البخاري، ومسلم.
وعن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا قضى أحدكم حجه فليتعجل إلى أهله، فإنه أعظم لاجره ".
رواه الدارقطني.
وروى مسلم عن العلاء بن الحضرمي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثا ".

الاحصار:
الاحصار هو المنع والحبس، قال الله تعالى: (فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي) .
وقد نزلت هذه الآية في حصر النبي صلى الله عليه وسلم، ومنعه هو وأصحابه في الحديبية عن المسجد الحرام.
والمراد به: المنع عن الطواف في العمرة، وعن الوقوف بعرفة، أو طواف الافاضة في الحج.

(1) " نهمته " بلوغ النهمة: شدة الشهوة في الحصول على الشئ.

وقد اختلف العلماء في السبب الذي يكون به الاحصار.
قال مالك، والشافعي: الاحصار لا يكون إلا بالعدو.
لان الآية نزلت في إحصار النبي صلى الله عليه وسلم به.
وقال ابن عباس: لا حصر إلا حصر العدو.
وذهب أكثر العلماء - منهم الاحناف، وأحمد - إلى أن الاحصار
يكون من كل حابس يحبس الحاج عن البيت من عدو (1) أو مرض يزيد بالانتقال والحركة، أو خوف، أو ضياع النفقة أو موت محرم الزوجة في الطريق، وغير ذلك من الاعذار المانعة، حتى أفنى ابن مسعود رجلا لدغ، بأنه محصر.
واستدلوا بعموم قوله تعالى: (فإن أحصرتم) وأن سبب نزول الآية إحصار النبي صلى الله عليه وسلم بالعدو فإن العام لا يقصر على سببه.
وهذا أقوى من غيره، من المذاهب.
على المحصر شاة فما فوقها: الآية صريحة في أن على المحصر أن يذبح ما استيسر من الهدي.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أحصر فحلق وجامع نساءه ونحر هديه، حتى اعتمر عاما قابلا.
رواه البخاري.
وقد استدل بهذا الجمهور من العلماء على أن المحصر يجب عليه ذبح شاة أو بقرة أو نحر بدنة.
وقال مالك: لا يجب.
قال في " فتح العلام ": والحق معه، فإنه لم يكن مع كل المحصرين هدي، وهذا الهدي الذي كان معه صلى الله عليه وسلم ساقه من المدينة متنفلا به. وهو الذي أراده الله تعالى بقوله: (والهدي معكوفا أن يبلغ محله) .
والآية لاتدل على الايجاب.

(1) كافرا كان أو باغيا.