الصلاة على الميت في المسجد، الصلاة على الجنازة وسط القبور

قال ابن حزم: ويصلى على الميت الغائب بإمام وجماعة، وقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على " النجاشي " رضي الله عنه، ومات بأرض الحبشة، وصلى معه أصحابه صفوفا، وهذا إجماع منهم لا يجوز تعديه.
وخالف في ذلك أبو حنيفة ومالك، وليس لهما حجة يمكن أن يعتد بها.

الصلاة على الميت في المسجد:
لا بأس بالصلاة على الميت في المسجد، إذا لم يخش تلويثه، لما رواه مسلم عن عائشة قالت: ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على سهيل بن بيضاء إلا في المسجد.
وصلى الصحابة على أبي بكر وعمر في المسجد بدون إنكار من أحد لانها صلاة كسائر الصلوات.
وأما كراهة ذلك عند مالك وأبي حنيفة استدلالا بقول رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ له (1) " فهي معارضة بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل أصحابه من جهة، ولضعف الحديث من جهة أخرى.
قال أحمد بن حنبل: هذا حديث ضعيف، تفرد به صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف.
وصحح العلماء هذا الحديث فقالوا: إن الذي في النسخ الصحيحة المشهورة من سنن أبي داود يلفظ: " فلا شئ عليه " أي من الوزر.
قال ابن القيم: ولم يكن من هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الراتب الصلاة على الميت في المسجد.
وإنما كان يصلي على الجنازة خارج المسجد، إلا لعذر، وربما صلى أحيانا على الميت كما صلى على ابن بيضاء، وكلا الامرين جائز، والافضل الصلاة عليها خارج المسجد.

الصلاة على الجنازة وسط القبور:
كره الجمهور الصلاة على الجنازة في المقبرة بين القبور.
روي ذلك عن علي وعبد الله بن عمرو وابن عباس.
وإليه ذهب عطاء والنخعي والشافعي وإسحق وابن المنذر، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الارض كلها مسجد، إلا المقبرة والحمام ".

(1) أي لا شئ له من الثواب.