صيام الصبي

صيام الكافر، والمجنون: الصيام عبادة إسلامية، فلاتجب على غير المسلمين، والجنون غير مكلف لانه مسلوب العقل الذي هو مناط التكاليف، وفي حديث علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم ". رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي.

صيام الصبي:
والصبي - وإن كان الصيام غير واجب عليه - إلا أنه ينبغي لولي أمره أن يأمره به، ليعتاده من الصغر، مادام مستطيعا له، وقادرا عليه.
فعن الربيع بنت معوذ قالت: أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم - صبيحة عاشوراء - إلى قرى الانصار: من كان أصبح صائما فليتم صومه، ومن كان أصبح مفطرا فليصم بقية يومه، فكنا نصومه بعد ذلك، ونصوم صبياننا الصغار منهم، ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن (1) فإذا بكى أحدهم من الطعام أعطيناه إياه، حتى يكون عند الافطار رواه البخاري، ومسلم.
من يرخص لهم في الفطر، وتجب عليهم الفدية: يرخص الفطر للشيخ الكبير، والمرأة العجوز، والمريض الذي لا يرجى برؤه، وأصحاب الاعمال الشاقة، الذين لا يجدون متسعا من الرزق، غير ما يزاولونه من أعمال.
هؤلاء جميعا يرخص لهم في الفطر، إذا كان الصيام يجهدهم، ويشف عليهم مشقة شديدة في جميع فصول السنة.
وعليهم أن يطعموا عن كل يوم مسكينا، وقدر ذلك بنحو صاع (2) أو نصف صاع، أو مد، على خلاف في ذلك، ولم يأت من السنة ما يدل على التقدير.

(1) العهن: الصوف.
(2) " الصاع " قدح وثلث.

قال ابن عباس: رخص للشيخ الكبير أن يفطر: ويطعم عن كل يوم مسكينا ولا قضاء عليه.
رواه الدارقطني والحاكم وصححاه.
وروى البخاري عن عطاء: أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقرأ: " وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين " قال ابن عباس ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، لا يتسطيعان أن يصوما، فيطعمان (1) مكان كل يوم مسكينا.
والمريض الذي لا يرجى برؤه، ويجهده الصوم، مثل الشيخ الكبير، ولافرق.
وكذلك العمال الذين يضطلعون بمشاق الاعمال.
قال الشيخ محمد عبده: فالمراد بمن " يطيقونه " في الآية، الشيوخ الضعفاء والزمني (2) ونحوهم كالفعلة الذين جعل الله معاشهم الدائم بالاشغال الشاقة كاستخراج الفحم الحجري من مناجمه.
ومنهم المجرمون الذين يحكم عليهم بالاشغال الشاقة المؤبدة إذا شق الصيام عليهم، بالفعل، وكانوا يملكون الفدية.
والحبلى، والمرضع - إذا خافتا على أنفسهما، أو أولادهما (3) أفطرتا - وعليهما الفدية، ولاقضاء عليهما، عند ابن عمر، وابن عباس.
روى أبو داود عن عكرمة، أن ابن عباس قال، في قوله تعالى: (وعلى الذين يطيقونه) ، كانت رخصة للشيخ الكبير، والمرأة الكبيرة، وهما يطيقان الصيام، أن يفطرا، ويطعما مكان كل يوم مسكينا، والحبلى، والمرضع - إذا خافتا (يعني على أولادهما) - أفطرتا، وأطعمتا. رواه البزار، وزاد في آخره: وكان ابن عباس يقول لام ولد له حبلى: أنت بمنزلة
الذي لا يطيقه، فعليك الفداء، ولاقضاء عليك. وصحح الدارقطني إسناده.
وعن نافع أن ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها فقال: تفطر، وتطعم مكان كل يوم مسكينا مدا (4) من حنطة.
رواه مالك، والبيهقي.

(1) مذهب مالك وابن حزم أنه لاقضاء ولا فدية.
(2) المرضى مرضا مزمنا لايبرأ.
(3) معرفة ذلك بالتجربة أو بإخبار الطبيب الثقة أو بغلبة الظن.
(4) " المد " ربع قدح من قمح.