مصارف الزكاة

مصارف الزكاة:
مصارف الزكاة ثمانية أصناف، حصرها الله في قوله: " إنما الصدقات للفقراء (1) والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم ".
وعن زياد بن الحارث الصدائي قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته، فأتى رجل فقال: أعطني من الصدقة فقال: " إن الله لم يرض بحكم نبي، ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء.
فإن كنت من تلك الاجزاء أعطيتك " رواه أبو داود.
وفيه عبد الرحمن الافريقي متكلم فيه.
وهذا هو بيان الاصناف الثمانية المذكورة في الاية:
(1 و 2) - الفقراء والمساكين: وهم المحتاجون الذين لا يجدون كفايتهم، ويقابلهم الاغنياء المكفيون ما يحتاجون إليه.
وتقدم أن القدر الذي يصير به الانسان غنيا، هو قدر النصاب الزائد عن الحاجة الاصلية، له ولاولاده، من أكل وشرب، وملبس، ومسكن، ودابة، وآلة حرفة، ونحو ذلك، مما لا غنى عنه. فكل من عدم هذا القدر، فهو فقير، يستحق الزكاة.
ففي حديث معاذ: (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم) .
فالذي تؤخذ منه، هو الغني المالك للنصاب.
والذي ترد إليه هو المقابل له وهو الفقير الذي لا يملك القدر الذي يملكه الغني.

(1) اللام للملك، أو الاستحقاق، أو بتقدير مفروضة، كمنا يدل عليه آخر الاية وهو " فريضة من الله ".

وليس هناك فرق بين الفقراء، وبين والمساكين، من حيث الحاجة والفاقة ومن حيث استحقاقهم الزكاة، والجمع بين الفقراء والمساكين في الاية، مع العطف المقتضي للتغاير، لا يناقض ما قلناه، فإن المساكين - وهم قسم من الفقراء - لهم وصف خاص بهم، وهذا كاف في المغايرة.
فقد جاء في الحديث، ما يدل على أن المساكين هم الفقراء الذين يتعففون عن السؤال، ولا يتفطن لهم الناس فذكرتهم الاية، لانه ربما لا يفطن إليهم، لتجملهم.
فعن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان، ولا اللقمة واللقمتان، إنما المسكين الذي يتعفف، اقرءوا إن شئتم: " لا يسألون الناس إلحافا " وفي لفظ: " ليس المسكين الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان، والتمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يجد غني يغنيه، ولا يفطن له، فيصدق عليه، ولا يقوم فيسأل الناس ".
رواه البخاري، ومسلم.
مقدار ما يعطى الفقير من الزكاة: من مقاصد الزكاة كفاية الفقير وسد حاجته، فيعطى من الصدقة، القدر الذي يخرجه من الفقر إلى الغني، ومن الحاجة إلى الكفاية، على الدوام، وذلك يختلف باختلاف الاحوال والاشخاص.
قال عمر رضي الله عنه: إذا أعطيتم فأغنوا. يعني في الصدقة.
وقال القاضي عبد الوهاب: لم يحد مالك لذلك حدا، فإنه قال: يعطي من له المسكن، والخادم، والدابة الذي لا غنى له عنه.
وقد جاء في الحديث ما يدل على أن المسألة تحل للفقير حتى يأخذ ما يقوم بعيشه، ويستغني به مدى الحياة.
فعن قبيصة بن مخارق الهلالي قال: تحملت حمالة (1) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فيها، فقال: " أقم حتى تأتينا الصدقة، فتأمر لك بها "، ثم قال: " يا قبيصة إن المسألة لا تحل إلا لاحد ثلاثة: رجل تحمل حمالة

(1) " حمالة " أي دينا لاصلاح ذات البين.