ما جاء في الجمع والتفريق

لما رواه مالك، والشافعي، عن سفيان بن عبد الله الثقفي أن عمر بن الخطاب قال: تعد عليهم السخلة (1) يحملها الراعي، ولا تأخذها، ولا تأخذ الاكولة، ولا الربى، ولا الماخض ولا فحل الغنم، وتأخذ الجذعة والثنية، وذلك عدل بين غذاء (2) المال وخياره.
ويرى أبو حنيفة، والشافعي، وأبو ثور: أنه لا يحسب النتاج ولا يعتد به، إلا أن تكون الكبار نصابا.
وقال أبو حنيفة أيضا: تضم الصغار إلى النصاب، سواء كانت متولدة منه، أم اشتراها، وتزكى بحوله.
واشترط الشافعي: أن تكون متولدة من نصاب، في ملكه قبل الحول.
أما من ملك نصابا من الصغار، فلا زكاة عليه، عند أبي حنيفة، ومحمد، وداود، والشعبي، ورواية عن أحمد.
لما رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي، والدارقطني، والبيهقي، عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسمعته يقول: (إن في عهدي أن لا تأخذ من راضع لبن) الحديث وفي إسناده هلال بن حباب، وقد وثقه غير واحد، وتكلم فيه بعضهم.
وعند مالك، ورواية عند أحمد: تجب الزكاة في الصغار كالكبار، لانها تعد مع غيرها، فتعد منفردة.
وعند الشافعي وأبي يوسف: يجب في الصغار واحدة صغيرة منها.

ما جاء في الجمع والتفريق:
1 - عن سويد بن غفلة قال: أتانا مصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول: (إنا لا نأخذ من راضع لبن، ولا نفرق بين مجتمع، ولا نجمع بين متفرق.
وأتاه رجل بناقة كوماء (3) فأبى أن يأخذها) رواه أحمد، وأبو داود، والنسائي.

(1) (السخلة) اسم يقع على الذكر والانثى، من أولاد الغنم، ساعة ما تضعه الشاة، ضأنا كانت، أو معزا.
(2) (غذاء) جمع غذي كفي. وهي الدخان.
(3) (ناقة كوماء) أي عظيمة السنام. وأبي أن يأخذها، لانها من خيار الماشية.

2 - وحدث أنس (أن أبا بكر كتب إليه: هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين) وفيه: (ولا يجمع بين متفرق، ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين، فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية) (1) رواه البخاري.
قال مالك في الموطأ: معنى هذا أن يكون النفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة، وجبت فيها الزكاة، فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحد (2) أو يكون للخليطين مائتا شاة وشاة، فيكون عليهما فيها ثلاث شياه، فيفرقونها، حتى لا يكون على كل واحد منهما إلا شاة واحدة (3) .
وقال الشافعي: هو خطاب لرب المال من جهة، وللساعي من جهة، فأمر كل منهما أن لا يحدث شيئا، من الجمع والتفريق خشية الصدقة. فرب المال يخشى أن تكثر الصدقة، فيجمع، أو يفرق لتقل، والساعي يخشى أن تقل الصدقة، فيجمع أو يفرق لتكثر (4) فمعنى قوله: خشية الصدقة، أي خشية أن تكثر، أو تقل، فلما كان محتملا للامرين، لم يكن الحمل على أحدهما أولى من الاخر، فحمل عليهما معا.
وعند الاحناف: أن هذا نهي للسعاة أن يفرقوا ملك الرجل الواحد، تفريقا يوجب عليه كثرة الصدقة، مثل رجل له عشرون ومائة شاة، فتقسم عليه إلى أربعين، ثلاث مرات، لتجب فيها ثلاث شياه، أو يجمعوا ملك رجل واحد إلى ملك رجل آخر، حيث يوجب الجمع كثرة الصدقة.
مثل أن يكون لواحد مائة شاة وشاة، ولاخر مثلها، فيجمعها الساعي ليأخذ ثلاث شياه، بعد أن كان الواجب شاتين.

(1) قال الخطابي: معناه، أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا، لكل واحد منهما عشرون، قد عرف كل منهما عين ماله، فيأخذ المصدق من أحدهما فيرجع المأخوذ من ماله على شريكه بقيمة نصف شاة.
(2) مثال الجمع بين المفترق.
(3) تمثيل للتفريق بين المجتمع
(4) كأن يكون لكل واحد من الخليطين أربعون شاة، فيفرق الساعي بينهما، ليأخذ منهما شاتين، بعد أن كان عليهما شاة واحدة، أو يكون لشخص عشرون شاة، ولاخر مثلها، فيجمع بينهما، ليأخذ شاة، بعد أن كان لا يجب على واحد منهما.

هل للخلطة تأثير؟: ذهب الاحناف: إلى أنه لا تأثير للخلطة، سواء كانت خلطة شيوع (1) أو خلطة جوار (2) فلا تجب الزكاة في مال مشترك إلا إذا كان نصيب كل واحد يبلغ نصابا على انفراد.
فإن الاصل الثابت المجمع عليه، أن الزكاة لا تعتبر إلا بملك الشخص الواحد.
وقالت المالكية: خلطاء الماشية كمالك واحد في الزكاة ولا أثر للخلطة، إلا إذا كان كل من الخليطين يملك نصابا، بشرط اتحاد الراعي، والفحل، والمراح - المبيت - ونية الخلطة، وأن يكون مال كل واحد متمايزا عن الاخر، وإلا كانا شريكين، وأن يكون كل منهما أهلا للزكاة. ولا تؤثر الخلطة إلا في المواشي.
وما يؤخذ من المال يوزع على الشركاء بنسبة ما لكل، ولو كان لاحد الشركاء مال غير مخلوط اعتبر كله مخلوطا.
وعند الشافعية: أن كل واحدة من الخلطتين تؤثر في الزكاة، ويصير مال الشخصين، أو الاشخاص كمال واحد.
ثم قد يكون أثرها في وجوب الزكاة، وقد يكون في تكثيرها، وقد يكون في تقليلها.
مثال أثرها في الايجاب: رجلان لكل واحد عشرون شاة، يجب بالخلطة شاة، ولو انفردا لم يجب شئ.
ومثال التكثير: خلط مائة شاة وشاة بمثلها، يجب على كل واحد شاة ونصف، ولو انفردا، وجب على كل واحد شاة فقط.
ومثل التقليل، ثلاثة، لكل واحد أربعون شاة خلطوها.
يجب عليهم جميعا شاة، أي أنه يجب ثلث شاة على الواحد، ولو انفرد لزمه شاة كاملة.
واشترطوا لذلك:
1 - أن يكون الشركاء من أهل الزكاة.
2 - وأن يكون المال المختلط نصابا.

(1) هي ما كان المال مشتركا ومشاعا بين الشركاء.
(2) هي ما كانت ماشية كل من الخلطاء متميزة، ولكنها متجاورة مختلطة في المراح والمسرح الخ.