صلاة الضحى

قال ابن قدامة: قال أحمد: (يقرأ بالقوم في شهر رمضان ما يخفف على الناس ولا يشق عليهم، ولا سيما في الليالي القصار (1)) وقال القاضي: لا يستحب النقصان من ختمة في الشهر ليسمع الناس جميع القرآن، ولا يزيد على ختمة كراهية المشقة على من خلفه، والتقدير بحال الناس أولى، فإنه لو اتفق جماعة يرضون بالتطويل كان أفضل، كما قال أبو ذر: (قمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حتى خشينا أن يفوتنا الفلاح، يعني السحور. وكان القارئ يقرأ بالمائتين) .

صلاة الضحى:
(1) فضلها: ورد في فضل صلاة الضحى أحاديث كثيرة، نذكر منها ما يلي:
1 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يصبح على كل سلامي (2) من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحمية صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر
بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزي من (3) ذلك ركعتان يركعهما من الضحى) رواه أحمد ومسلم وأبو داود.
2 - ولاحمد وأبي داود عن بريدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (في الانسان ستون وثلاثمائة مفصل عليه أن يتصدق عن كل مفصل منها صدقة) قالوا فمن الذي يطيق ذلك يا رسول الله؟ قال: (النخامة في المسجد يدفنها أو الشئ ينحيه عن الطريق، فإن لم يقدر فركعتا الضحى تجزئ عنه) .
قال الشوكاني: (والحديثان يدلان على عظم فضل الضحى وكبر موقعها وتأكد مشروعيتها وأن ركعتيها تجزيان عن ثلثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة والمداومة.
ويدلان أيضا على مشروعية الاستكثار من التسبيح والتحميد والتهليل، والامر بالمعروف، والنهي عن المنكر، ودفن

(1) كليالي الصيف.
(2) عظام البدن ومفاصله.
(3) يجزي - بفتح أوله - بمعنى يكفي، أو بضمنه ويكون من الاجزاء.

النخامة، وتنحية ما يؤذي المار عن الطريق وسائر أنواع الطاعات لنسقط بذلك ما على الانسان من الصدقات اللازمة في كل يوم) .
3 - وعن النواس بن سمعان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله عزوجل: ابن آدم لا تعجزن عن أربع ركعات في أول النهار أكفك آخره) رواه الحاكم والطبراني ورجاله ثقات.
رواه أحمد والترمذي وأبو داود والنسائي عن نعيم الغطفاني بسند جيد.
ولفظ الترمذي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تبارك وتعالى: (إن الله تعالى قال: (ابن آدم اركع لي أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره) .
4 - عن عبد الله بن عمرو قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية (1) فغنموا وأسرعوا الرجعة، فتحدث الناس بقرب مغزاهم (2) وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ألا أدلكم على أقرب منهم مغزى وأكثر غنيمة وأوشك (3) رجعة؟ من توضأ ثم غدا إلى المسجد لسبحة الضحى فهو أقرب مغزى وأكثر غنيمة وأوشك رجعة) رواه أحمد والطبراني.
وروى أبو يعلى نحوه.
5 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: (بصيام ثلاثة أيام في كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام) . رواه البخاري ومسلم.
6 - وعن أنس رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر صلى سبحة الضحى ثماني ركعات فلما انصرف قال: (إني صليت صلاة رغبة ورهبة، سألت ربي ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة: سألته ألا يبتلي أمتي بالسنين (4) ففعل، وسألته ألا يظهر عليهم عدوهم ففعل، وسألته ألا يلبسهم شيعا فأبى علي) رواه أحمد والنسائي والحاكم وابن خزيمة وصححاه.

(1) فرقة من الجيش.
(2) انتهاء الغزو بسرعة.
(3) قرب.
(4) ألا يبتلي أمتي بالسنين: أي بالقحط.

(2) حكمها: صلاة الضحى عبادة مستحبة فمن شاء ثوابها فليؤدها وإلا فلا تثريب عليه في تركها، فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال: (كان صلى الله عليه وسلم يصلي الضحى حتى نقول لا يدعها، ويدعها حتى نقول لا يصليها) رواه الترمذي وحسنه.
(3) وقتها: يبتدى أوقتها بارتفاع الشمس قدر رمح وينتهي حين الزوال ولكن المستحب أن تؤخر إلى أن ترتفع الشمس ويشتد الحر.
فعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: خرج النبي صلى الله عليه وسلم على أهل قباء (1) وهم يصلون الضحى فقال: (صلاة الاوابين (2) إذا رمضت الفصال (3) من الضحى) . رواه أحمد ومسلم والترمذي.
(4) عدد ركعاتها: أقل ركعاتها اثنتان كما تقدم في حديث أبي ذر وأكثر ما ثبت من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثماني ركعات، وأكثر ما ثبت من قوله اثنتا عشرة ركعة.
وقد ذهب قوم - منهم أبو جعفر الطبري وبه جزم المليمي والروياني من الشافعية - إلى أنه لاحد لاكثرها.
قال العراقي في شرح الترمذي: لم أر عن أحد من الصحابة والتابعين أنه حصرها في اثنتي عشرة ركعة. وكذا قال السيوطي.
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن أنه سئل: هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلونها؟ فقال: نعم..كان منهم من يصلي ركعتين، ومنهم من يصلي أربعا، ومنهم من يمد إلى نصف النهار.
وعن إبراهيم النخعي أن رجلا سأل الاسود بن يزيد: كم أصلي الضحى؟ قال: كما شئت.
وعن أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى سبحة الضحى ثماني ركعات

(1) قباء: مكان بينه وبين المدينة نحو من ميلين.
(2) الاوابين: الراجعين إلى الله.
(3) رمضت: احترقت. والفصال جمع فصيل وهو ولد الناقة: أي إذا وجدت الفصال حر الشمس، ولا يكون ذلك إلا عند ارتفاعها.