كيفية الصلاة

صلاة أخرى، فإن تغير اجتهاده عمل بالثاني، ولا يعيد ما صلاة بالاول.
متى يسقط الاستقبال:
استقبال القبلة فريضة، لا يسقط إلا في الاحوال الاتية:
(1) صلاة النفل للراكب: يجوز للراكب أن يتنفل على راحلته، يومي بالركوع والسجود، ويكون سجوده أخفض من ركوعه، وقبلته حيث اتجهت دابته.
فعن عامر بن ربيعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي على راحلته حيث توجهت به.
رواه البخاري ومسلم، وزاد البخاري: يومئ، والترمذي: ولم يكن يصنعه في المكتوبة (1) .
وعند أحمد ومسلم والترمذي: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته وهو مقبل من مكة إلى المدينة حيثما توجهت به، وفيه نزلت: (فأينما تولوا فثم وجه الله) .
وعن إبراهيم النخعي قال: كانوا يصلون في رحالهم ودوابهم حيثما توجهت، وقال ابن حزم: وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين، عموما في الحضر والسفر.
(2) صلاة المكره والمريض والخائف: الخائف والمكره والمريض يجوز لهم الصلاة لغير القبلة إذا عجزوا عن استقبالها، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم) .
وفي قول الله تعالى: (فإن خفتم فرجالا أو ركبانا) قال ابن عمر رضي الله عنهما: مستقبلي القبلة أو غير مستقبليها، رواه البخاري.

كيفية الصلاة:
جاء الاحاديث عن سول الله صلى الله عليه وسلم مبينة كيفية الصلاة وصفتها.
ونحن نكتفي هنا بإيراد حديثين: الاول من فعله صلى الله عليه وسلم، والثاني من قوله:

(1) (المكتوبة) : الفريضة. والايماء الاشارة بالرأس إلى السجود.

1 - عن عبد الله بن غنم: أن أبا مالك الاشعري جمع قومه فقال: يا معشر الاشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا بالمدينة فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم، فتوضأ وأراهم كيف يتوضأ.
فأحصى الوضوء إلى (1) أماكنه حتى أفاء الفئ وانكسر الظل قام فأذن. فصف الرجال في أدنى الصف، وصف الولدان خلفهم. وصف النساء خلف الولدان، ثم أقام الصلاة، فتقدم فرفع يديه فكبر، فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرها. ثم كبر فركع فقال: سبحان الله وبحمده ثلاث مرات، ثم قال: سمع الله لمن حمده واستوى قائما، ثم كبر وخر ساجدا، ثم كبر فرفع رأسه، ثم كبر فسجد، ثم كبر فانتهض قائما. فكان تكبيرة في أول ركعة ست تكبيرات. وكبر حين قام إلى الركعة الثانية. فلما قضى صلاته، أقبل إلى قومه بوجهه فقال: احفظوا تكبيري وتعلموا ركوعي وسجودي، فإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يصلي لنا كذا الساعة من النهار، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى صلاته أقبل إلى الناس بوجهه فقال (يا أيها الناس اسمعوا واعقلوا، واعلموا أن الله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله، فجاء رجل من الاعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله. ناس من الناس ليسوا بأنبياء ولا شهداء، يغبطهم الانبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله؟ انعتهم لنا (2) فسر وجه النبي صلى الله عليه وسلم لسؤال الاعرابي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهم ناس من أفياء الناس ونوازع القبائل، لم تصل بينهم أرحام متقاربة، تحابوا في الله وتصافوا، يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها، فيجعل وجوههم نورا، وثيابهم نورا، يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون، وهم أولياء الله الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن، والحاكم وقال: صحيح الاسناد.
2 - عن أبي هريرة قال: دخل رجل المسجد فصلى، ثم جاء إلى النبي

(1) (فأحصى الوضوء إلى أماكنه) : أي غسل جميع الاعضاء.
(2) (انعتهم لنا) : أي صفهم لنا.

صلى الله عليه وسلم يسلم. فرد عليه السلام وقال: (إرجع فصل فإنك لم تصل) فرجع، ففعل ذلك ثلاث مرات.
قال فقال: والذي بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلمني، قال: (إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم ارفع حتى تطمئن جالسا، ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) رواه أحمد والبخاري ومسلم.
وهذا الحديث يسمى (حديث المسئ في صلاته) .
هذا جملة ما ورد في صفة الصلاة من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله، ونحن نفعل ذلك مع التمييز بين الفرائض والسنن.