السؤر

ذنوبا (1) من ماء، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين) رواه الجماعة إلا مسلما وحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أنتوضأ من بئر بضاعة؟ (2) فقال صلى الله عليه وسلم: (الماء طهور لا ينجسه شئ)
رواه أحمد والشافعي وأبو داود والنسائي والترمذي وحسنه، وقال أحمد: حديث بئر بضاعة صحيح وصححه يحيى بن معين وأبو محمد بن حزم.
وإلى هذا ذهب ابن عباس وأبو هريرة والحسن البصري، وابن المسيب وعكرمة وابن أبي ليلى والثوري وداود الظاهري والنخعي ومالك وغيرهم، وقال الغزالي: وددت لو أن مذهب الشافعي في المياه كان كمذهب مالك.
وأما حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان الماء قلتين لم يحمل الخبث) رواه الخمسة، فهو مضطرب سندا، ومتنا.
قال ابن عبد البر في التمهيد: ما ذهب إليه الشافعي من حديث القلتين، مذهب ضعيف من جهة النظر، غير ثابت من جهة الاثر.
قال أبو داود وسمعت قتيبة بن سعيد قال: سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها؟ قال: أكثر ما يكون فيها الماء الى العانة، قلت: فإذا نقص؟ قال: دون العورة قال أبو داود: وقدرت أنا بئر بضاعة بردائي مددته عليها ثم ذرعته فإذا عرضها ستة أذرع، وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني إليه.
هل غير بناؤها عما كانت عليه؟ قال: لا، ورأيت فيها ماء متغير اللون، (ذرعته) ، قسته بالذراع.

السؤر:
السؤر هو: ما بقي في الاناء بعد الشرب وهو أنواع:
(1) سؤر الادمي: وهو طاهر من المسلم والكافر والجنب والحائض.
وأما قول الله تعالى: (إنما المشركون نجس) فالمراد به نجاستهم المعنوية، من جهة اعتقادهم الباطل، وعدم تحرزهم من الاقذار والنجاسات، لا أن أعيانهم وأبدانهم نجسة، وقد كانوا يخالطون المسلمين، وترد رسلهم ووفودهم على النبي صلى الله عليه وسلم

(1) السجل أو الذنوب: وعاء به ماء.
(2) (بئر بضاعة) بضم أوله: بئر المدينة.

ويدخلون مسجده، ولم يأمر بغسل شئ مما أصابته أبدانهم، وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أشرب وأنا حائض، فأناوله النبي صلى الله عليه وسلم، فيضع فاه على موضع في) (1) رواه مسلم.
(2) سؤر ما يؤكل لحمه: وهو طاهر، لان لعابه متولد من لحم طاهر فأخذ حكمه. قال أبو بكر بن المنذر: أجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمه يجوز شربه والوضوء به.
(3) سؤر البغل والحمار والسباع وجوارح الطير: وهو طاهر، لحديث جابر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم سئل: أنتوضأ بما أفضلت الحمر؟ قال نعم. وبما أفضلت السباع كلها) أخرجه الشافعي والدارقطني والبيهقي، وقال: له أسانيد إذا ضم بعضها إلى بعض كانت قوية، وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره ليلا فمروا على رجل جالس عند مقراة له (2) فقال عمر رضي الله عنه: أولغت السباع عليك الليلة في متكلف!، لها ما حملت في بطونها، ولنا ما قي شراب وطهور) رواه الدارقطني، وعن يحيى بن سعيد (أن عمر خرج في ركب فيهم عمرو بن العاص حتى وردوا حوضا فقال عمرو يا صاحب الحوض هل ترد حوضك السباع؟ فقال عمر: لا تخبرنا، فإنا نرد على السباع وترد علينا) رواه مالك في الموطأ.
(4) سؤر الهرة: وهو طاهر، لحديث كبشة بنت كعب، وكانت تحت أبي قتادة، أن أبا
قتادة دخل عليها فسكبت له..فجاءت هرة تشرب منه فأصغى (3) لها الاناء حتى شربت منه، قالت كبشة: فرآني أنظر فقال: أتعجبين يا ابنة أخي؟ فقالت: نعم.
فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إنها ليست

(1) المراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يشرب من المكان الذي شربت منه.
(2) (المقراة) : الحوض الذي يجتمع فيه الماء.
(3) (أصغى) أي أمال.

بنجس، إنها من الطوافين عليكم والطوافات) رواه الخمسة، وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، وصححه البخاري وغيره.
(5) سؤر الكلب والخنزير: وهو نجس يجب اجتنابه.
أما سؤر الكلب، فلما رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا شرب الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبعا) ولاحمد ومسلم (طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات أولاهن بالتراب) ، وأما سؤر الخنزير فلخبثه وقذارته.