الباب الثاني والخمسون : ذكر أنواع من البلايا من اليأس واليتم والوجع والكد والفزع والعثور والعبوس والعري والعزل والطرد والسرقة والسفه والذلة والخسران والخيانة والحبس والحمل الثقيل والبؤس أو الطغيان والضلالة

أما اليأس من الأمر فدليل الفرج والنجاة لقوله تعالى {فَلَمّا اسْتَيْأسُوَا مِنْهُ خَلِصُوا نَجِيا} وقوله
تعالى {حتى إذا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنّوا أنَّهمْ قَدْ كذبوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا}
وأما اليتيم فمن رأى كأنّه يتيم فإنَّ غيره يغلبه في امر امرأة أو مال أو تجارة وما أشبه ذلك والوجع ندامة من ذنب وقيل إن من رأى أنّه مستريح فإنّه يكد والكد راحة والفزع يدل على اكتساب مظنة وارتكاب مآثم
-ومن رأى أنّه مات من الفزع مات فقيراً والمظالم باقية في ذمته والعزل عهد كما أنّ العهد عزل وقيل انه يدل على طلاق المرأة وعبوس الوجه يدل على بنت لقوله تعالى {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وَجْهُهُ مُسْوَدّأً وَهُوَ كَظِيمْ}
وأما العثور فمن رأى كأن إبهام رجله عثرت في الأرض اجتمع عليه دين فإن خرج منها دم نابتة نائبة وقيل انه يصيب مالا حرامأ وأما العري فمن رأى أنه نزع ثيابه ظهر له عدو مكاتم غير مجاهر بالعداوة بل يظهر المودة والنصيحة قال الله تعالى {يا بني ادم لَا يَفْتِنَنّكُمْ الشّيْطَانُ كما اخرج أبَوْيْكُمْ مِنَ الجَنّةِ يَنْزعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا} فإن رأى
كأنه عريان في محفل فإنه يفتضح وإن كان عرياناً في موضع وحده فإنَّ عدوه يطلب عثراته فلا يجد مراده من هتك ستره والطرد غير محمود في التأويل فمن رأى أنّه طرد أحداً من أهل الفضل أو هول أو صاح عليه فإنّه يقع في أمر هائل ويغلبه عدوه وأما السرقة فإن السارق المجهول ملك الموت والسارق المعروف يستفيد من المسروق منه علماً أو موعظة أو منفعة فإن رأى كأن سارقاً مجهولاً دخل بيته وسرق طسته أو ملحفته أو قمقمته ماتت امرأته وسرقة الدار أيمة تتزوج والسفه الجهل فمن رأى أنه سفه جهل لقوله تعالى {فإن كان الذِي عَلَيْهِ الحَقّ سفيهَاً} قالوا جاهلاً وأما الذلة فنصرة في التأويل والخسران الذنب والخيانة والزنا والحبس ذل وهم وقيل أن الحبس في السجن يدل على نيل ملك بدليل قصة يوسف والحبس في البيت المجصص المجهول المنفردِ عن البيوت دليل الموت والقبر فإن رأى كأنّه موثق في بيت مغلق عليه فإنه ينال خيراً وأما الحمل الثقيل فجار السوء واصابة البؤس دليل الافتقار وأما الضلالة عن الطريق فخوض في باطل والاهتداء بعد الضلالة اصابة الخير والفلاح.