الباب الخمسون : النوم والاستلقاء على القفا والانتباه والعجوز والمرأة والجارية

النعاس أمن لقوله تعالى {إذْ يَغشِّيكُمُ النعاسُ أمَنَة مِنْهُ} والنوم غفلة وقد قال النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا. وورد في الدعاء: نبهنا من نوم الغافلين.
-ومن رأى كأنّه مستلق على قفاه قوي أمره وأقبلت دولته وصارت الدنيا تحت يده لأنّ الأرض مسند قوي ومن استلقى على قفاه وكان فمه منفتحاً فخرج منه أرغفة فإن تدبيره ينتقص ودولته تزول ويفوز بأمره غيره فإن رأى كأنّه منبطح فإنه يذهب ماله وتضعف قوته ولا يشعر بجري الأحوال ولا يدري كيف تصرف الأمور وذلك أنّه نام على هذه الصفة جعل وجهه في الأرض فلا يدري ما وراه
والانتباه من النوم يدل على حركة الجسد وإقباله وقال القيرواني إنَّ النوم على البطن ظفر بالأرض والمال والأهل والولد والرقاد على الظهر تشتيت وذلة وموت وربما دل على فراغ الأعمال والراحة من الأحزان إذا كان حامداً لله عزّ وجلّ والنوم على الجنب خبر أو مرض أو موت
-ومن رأى أنه مضطجع تحت أشجار كثر نسله وولده وأما العجوز القبيحة أو الناقصة وذات العيب المجهولة فهي الدنيا رأس كل فتنة لأنّ المرأة فتنة وقد تمثلت الدنيا لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة الإسراء في صورة امرأة وتحايلت لكثير من الناس في صورة امرأة عجوز ذات عيب وقد تدل إذا كانت حسنة جميلة نظيفة كأنّها عابدة زاهدة على الآخرة وما يقرب منها ويعمل لها من عمل ومال حلال لأنّ الدنيا والآخرة ضرتان إحداهما أعظم وأحسن من الأخرى وربما دلت الدنيا الذاهبة والأرض الميتة والدار الخربة والمعروفة هي نفسها أو سميتها أو شبيهتها أو نظيرتها فمن رأى عجوزاً هرمة شابت في المنام نظرت في حاله إن كانت الرؤيا في خاصته فإن كان فقيراً استغنى وإن كان ممن أدبرت دنياه عاد إليه
إقبالها وإن كان حراثاً أو كان عنده مكان يدل على النساء قد تعطل كالبستان أو الفدان والحمام ونحوِه فإنّه يعود إلى عمارته وبنائه وهيئته وإن كان مريضاً أفاق من علته وإن كان لاهياً عن آخرته عاد اليها وإن كانت للعامة نظرت فإن كانت السنة قد يئس الناس منها ومن خيرها أعقبوها بالخصب وأتوا بالقوت وإن كانوا في حرب قد تشعبت وكبرت ومكرت انجلى أمرها وعادوا إلى حالهم في أولها وأما المرأة الكاملة فدالة على ما هو مأخوذ من اسمها فإما من أمور الدنيا لأنّها دنيا ولذة ومتعة وأما من أمور الآخرة لأنّها تصلح الدين وربما دلت على السلطان لأنّ المرأة حاكمة على الرجل بالهوى والشهوة وهو في كده وسعيه عليها في مصالحها كالعبد وتدل على السنة لأنها تجمل وتلد وتدر اللبن وربما دلت على الأرض والفدان والبستان وسائر المركوبات فمن رأى امرأة دلت عليه أو ملكها أو حكم عليها أو ضاحكة إليه أو مقبلة عليه نظرت في أمره إن كان مريضاً ببطن ونحوه أو عزباً وكانت المرأة الموصوفة بالجمال أو ظنها حوراء نال الشهادة وإن لم يكن ذلك ولكنها من نساء الدنيا
نجا مما هو فيه ونال دنيا وإن رأى ذلك فقيراً أفاد مالاً وإن رأى ذلك من له حاجة عند سلطان فليرجها وليناهزها فإن رأى ذلك من سفينة أو دابة غائبة قدمت عليه بما يسره وإن رأى ذلك مسجون فرج عنه لجماله وللفرج الذي معها وإن رأى ذلك من يعالج غرساً أو زرعاً فليداومه ويعالجه فإن رآها للعامة فإنها أمر يكون في الناس يقدم عليهم وأو ينزِل فيهم فإن كانت بارزة الوجه كان أمرها ظاهراً وإن كانت منتقبة كان أمرها خفيا فإن كانت جميلة فهو أمر سار وإن كانت قبيحة فهو أمر قبيح وإن كانت تعظهم وتأمرهم وتنهاهم فهو أمر صالح في الدين وإن كانت تعارضهم وتلمسهم أو تقبلهم أو تكشف عورتها إليهم فهي فتنة يهلك فيها ويفتن منِ ألم بها أو نال شيئاً منها في المنام أو نالته في الأحلام وقد تكون من الفتن حصناً وغنائم في تلك السنة التي هم فيها إن رآها في وسط الناسِ أو في الجامع لأنّ الخير قد يكون فتنة لقوله تعالى {وَنَبْلُوَكُمْ بالشَرِّ والخَيْرِ فِتْنَةَ} وإن رآها داخلة عليهم أو نازلة إليهم فهي السنة الداخلة بعد التي هم فيها وأما الجارية فدالة على خير يجئ وأمر يجري وفتنة تعتري مأخوذ من اسمها جارية فمن رأى
جارية ملكها أو نكحها أو دخلت عليه فإن كان له غائب جاءه أو خبره أو كتابه وإن رأى ذلك من تقتر رزقه يسر له وإن رأى ذلك من هو في البحر ممن تعذر طاووسه جرت سفينته وإن رآها للعامة تطاردهم في الأسواق أو تدعوهم إلى السفاح ففتنة تموج فيهم وإن رآها تضرب بالدف فخير مشهور يقدم على الناس ثم على قدر جمالها وقبحها وسائر أحوالها.