الباب العشرون : تأويل رؤيا الجن والشياطين

(قال الأستاذ أبو سعيد) من رأى أنه تحول جنياً قوي كيده ورؤيا سحرة الجن في المنام تدل على الغيلان فإذا رأى الإنسان في منامه الجن واقفة قرب بيته فإن رؤياه تدل على إحدى ثلاث خصال إما على خسران أو على هوان أو على أنّ عليه نذراً لم يف به فإن رأى كأنه يعلم الجن القرآن أو يستمعونه منه رزق الرياسة والولاية لقوله تعالى (قل أوًحِيَ إليَّ أنّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الجن) الاية
فإن رأى أنّ الجن دخلوا داره وعملوا في داره عملاً فإن اللصوص يدخلون داره ويضرون به أو يهجم عليه أعداؤه في بيته والأصل في رؤيا الجن أنّهم أصحاب الاحتيال لأمور الدنيا وغرورها وأما الشيطان فهو عدو في الدين والدنيا مكّار خدّاع غير مكترث بشئ وإنّما يكون تأويله السلطان وربما كان الأهل
-ومن رأى كأن طائفاً من الشيطان مسه وهو مشتغل بذكر الله تعالى دلت رؤياه على أنّ له أعداء كثيرة يريدون إهلاكه فلا ينالون منه مرادهم لقوله تعالى (إنَّ الذِينَ اتّقُوا إذا مَسّهُم طائِفٌ مِنَ الشّيْطَانِ تَذَكّرُوا) الاية فإن رأى كأن شهاباً ثاقباً يتبع شيطاناً دلّت رؤياه على صحة دينه
-ومن رأى كأن الشيطان خوفه دلت رؤياه على إخلاصه في دينه وعلى أمن من خوف هو فيه بدليل قوله تعالى (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُون إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين)
-ومن رأى الشيطان فرحاً مسروراً اشتغل بالشهوات
-ومن رأى كأن الشيطان نزع لباسه عزل عن ولاية إن كان والياً أو أُصيب بضيعة إن كان صاحب ضيعة لقوله تعالى (يا بني ادم لَا يَفْتِنَنّكُمْ الشّيْطَانُ) الاية فإن رأى كأن الشيطان قد مسه فإنّ له عدواً يقذف امرأته ويغويها وقيل إنّ هذه الرؤيا تدل على فرج صاحبها منِ غم أو شفاء من مرض لقوله تعالى (واذكر عبدنا أيُوبَ إذْ نَادَى ربّهُ أني
مًسّنِي الشيطان) الاية
-ومن رأى كأنّ الشيطان يتبعه فإنّ له عدواً يخدعه ويغريه وينقص من عمله وجاهه لقوله تعالى (فأتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكان مِنَ الغَاوِين)
-ومن رأى كأنّه ملك الشياطين فاتبعوه وانقادوا له نال رياسة وهيبة وقهر أعداءه لقوله تعالى (ومن الشَّياطِين مَنْ يَغُوصُونَ له) الاية فإن رأى كأنّه قيد الشيطان نال نصرة لقوله مقرنين في الأصفاد فإن رأى كأن شيطاناً نزل عليه ارتكب إثماً وافترى كذبا لقوله تعالى (تَنزّلُ عَلَى كلِّ أَفّاكٍ أثِيم) فإن رأى كأنه يناجي الشيطان فإنّه يشاور أعداءه ويظاهرهم في أهلٍ الصلاح فلا يستطيعون لقوله تعالى (إنّما النَّجْوَى مِنَ الشّيْطانِ ليَحْزُنَ الذِين آمنوا) فإن رأى أنّ الشيطان يعلمه كلاماً فإنّه يتكلم بكلام مفتعل أو بكيد الناس أو ينشد كذب الأشعار فإن رأى كأنه قتل إبليس فإنّه يمكر بمكار وخداع والدجال إنسان مخادع يفتن الناس به.