الباب العاشر : تأويل رؤيا الصلاة وأركانها

(قال الأستاذ أبو سعيد رحمه الله) الأصل في رؤيا الصلاة أنّها محمودة ديناً ودنيا وتدل على إدراك ولاية ونيل رياسة أو قضاء دين أو اداء أمانة وإقامة فريضة من فرائض الله تعالى ثم هي على ثلاثة أضرب فريضه وسنة وتطوع فالفريضة منها تدل على ما قلنا وأنّ صاحبها يرزق الحج ويجتنب الفواحش لقوله تعالى: {إن الصَلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ} والسنّة تدل على طهارة صاحبها وصبره على المكاره وظهور اسم حسن له لقوله تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ في رَسُول الله أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ} وشفقة على خلق الله تعالى وعلى أن يكرم عياله ومن تحت يده ويحسن إليهم فوق ما يلزمه ويجب عليه في الطعام والكسوة ويسعى في أمور أصدقائه فورثه ذلك عزاً والتطوع يقتضي كمال المروءة وزوال الهموم
(ومن
رأى) كأنّه يصلي فريضة الظهر في يوم صحو فإنّه يتوسط في أمر يورثه ذلك عزاً حسب صفاء ذلك اليوم فإن كان يوم غيم فإنّه يتضمن حمل غموم فإن رأى كأنه يصلي العصر فإنّه يدل على أن العمل الذي هو فيه لم يبق منه إلا أقله فإن رأى أنه يصلي الظهر في وقت العصر فإنّه يقضي دينه فإن رأى إحدى الصلاتين انقطعت عليه فإنّه يقضي نصف الدين أو نصف المهر لقوله تعالى: {فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُم} فإن رأى كأنّه يصلي فريضة المغرب فإنّه يقوم بما يلزمه من أمر عياله فإن رأى أنه يصلي العتمة فإنّه يعامل عياله بما يفرحٍ به قلوبهم وتسكن إليه نفوسهم فإن رأى كأنه يصلي فريضة الفجر فإنّه يبتدئ أمراً يرجع إلى إصلاح معاشه ومعاش عياله فإن رأى كأنّه يصلي الظهر أو العصر أو العتمة ركعتينِ فإنه يسافر فإن رأت مثلهما امرأة حاضت في يومها فإن رأى كأنه يصلي قاعداَ من غير عذر لم يقبل عمله فإن رأى كأنه يصلي على جنبه مرض فإن رأى كأنّه يصلي راكباً أصابه خوف شديد فإن رأى كأن الإمام يصلي بالناس وهو راكب وهم ركبان فإن كانوا في حرب رزقوا الظفر فإن رأى كأنه يصلي في بستان فإنّه يستغفر الله فإن رأى كأنّه صلى في أرض مزروعة قضى الله دينه منها فإن رأى كأنه يصلي في مسلخ حمام دل ذلك علىِ فساد يرتكبه وقيل إنّه يلوط بغلام فإن رأى كأنّ صلاة مفروضة
فاتته ولا يجد موضعاَ يقضيها فيه تعذر عليه نيل ما يطلبه فإن رأى كأنه يصلي في جماعة مستوية الصفوف فإنّهم يكثرون التسبيح والتهليل لقوله تعالى: {وإنّا لَنَحْنُ الصَّافّونَ} {وإنّا لَنَحْنُ المسبحون} . فإن رأى كأنه ترك صلاة فريضة فإنه يستخف ببعض الشرائع والسجدة في المنام دليل الظفر ودليل التوبة من ذنب هو فيه دليل الفوز بمال ودليل طول الحياة ودليل النجاة من الأخطار فإن رأى كأنه سجد لله تعالى على جبل فإنه يظفر برجل منيع فإن رأى أنه سجد لغير الله تعالى لم تقض حاجته وقهر إن كان في حرب وخسر إن كان تاجراً فإن رأى كأنّه قائم في الصلاة فلم يركع حتى ذهب وقتها فإنّه يمنع الزكاة المفروضة فلا يؤديها فإن رأى كأنه يصلي فيأكل العسل فإنّه يأتي امرأته وهو صائم فإن رأى كأنّه قاعد يتشهد فرج عنه همه وقضيت حاجته فإن رأى كأنه سلم وخرج من صلاته على تمامها فإنّه يخرج من همومه فإن سلّم عن يمينه دون يساره صلح بعض أموره فإن سلّم عن يساره دون يمينه فإنّه يتشوش عليه بعض أحواله فإن رأى أنه يصلي نحو الكعبة دل على استقامة دينه فإن صلى نحو المغرب دل على رداءة مذهبه وجراءته على المعاصي لأنّه قبلة اليهود وهم اجترءوا على أخذ الحيتان يوم سبتهم فإن صلى نحو المشرق دل على ابتداعه واشتغاله بالباطل لأنه
قبلة النصارى فإن صلى وظهره للقبلة في الصلاة دل على نبذه الإسلام وراء ظهره بارتكاب بعض الكبائر فإن رأى أنه لا يهتدي إلى القبلة فإنّه متحيّر في أمره فإن صلى إلى غير قبلة إلا أنّ عليه ثياباً بيضاً وهو يقرأ القران كما يجب رزق الحج لقوله تعالى: {فَأيْنَمَا تَوَلوا فَثمَّ وَجْهُ الله} . فإن رأى مَنْ ليس بإمامِ في اليقظة كأنّه يؤم الناس في الصلاة وكان للولاية أهلاً نال ولاية شريفة وصار مطاعاَ فإن أم بهم إلى القبلة وصلى بهم صلاة تامة عدل في ولايته وإن رأى في صلاتهم نقصانا أو زيادة أو تغيراً جار في ولايته وأصابه فقر ونكبة من جهة اللصوص فإن صلى بهم قائماً وهمٍ جلوس فإنّه لا يقصر في حقوقهم ويقصرون في حقه أو تدل رؤياه أنّه يتعهد قوما مرضى فإن صلّى بقوم قاعداً وهم قيام فإنّه يقصر في أمر يتولاه فإن صلى بقوم قيام وقوم قعود فإنّه يلي أمر الأغنياء وأمر الفقراء فإن صلّى بهم قاعداً وهم قعود فإنّهم يبتلون بغرق أو سرقة ثياب وافتقار فإن رأى أنه يصلّي بالنساء فإنّه يلي أمور قوم ضعاف فإن أمَّ بالناس على جنبه أو مضطجعاً وعليه ثياب بيض وينكر موضعه ذلك ولا يقرأ في صلاته ولا يكبر فإنّه يموت ويصلّي الناس عليه وكذلك إن رأت امرأة كأنّها تؤم بالرجال ماتت لأنّ المرأة لا تتقدم إلى في الموت فإن رأى الوالي أنّه يؤم بالناس عزل وذهب ماله ومن صلى بالرجال والنساء نال
القضاء بين الناس إن كان أهلاً لذلك وإلا نال التوسط والإصلاح بين الناس
(ومن رأى) أنه أتم الصلاة بالناس تمت ولايته فإنه انقطعت عليه الصلاة انقطعت ولايته ولم تنفذ أحكامه ولا كلامه فإن صلى وحده والقوم يصلون فرادى فإنّهم خوارج فإن صلى بالناس صلاة نافلة دخل في ضمان لا يضره فإن كان القوم جعلوه إماماً فإنّه يرث ميراثاً لقوله تعالى: {وَنْجَعَلَهُمْ أئمّةً وَنَجْعَلَهُمُ الوَارِثِينَ} . فإن رأى كأنه أمَّ بالناس ولا يحسن أن يقرأ فإنّه يطلب شيئاً لا يوجده ومن صلى بقوم فوق سطح فإنه يحسن إلى أقوام يكون له بذلك صيت حسن من جهة قرض أو صدقة فإن رأى أنّه يدعو دعاء معروفاً فإنّه يصلي فريضة فإن دعا دعاء ليس فيه اسم الله فإنّه يصلي صلاة رياء فإن رأى كأنّه يدعو لنفسه خاصة رزق ولداً لقوله تعالى: {إذْ نَادى رَبّهُ نِدَاءً خَفِيّاً} . فإن كان يدعو ربه في ظلمة ينجو من غم لقوله تعالى: {فنادى في الظُلَماتِ} . وحسن الدعاء دليل على الدين والقنوت دليل على الطاعة وكثرة ذكره الله تعالى دليل على النصر لقوله تعالى: {وَذَكَرُوا الله كَثِيراً واْنَتَصرُوا مِنْ بَعْد ما ظُلِموا} .
(ومن رأى) كأنه يستغفر الله تعالى رزق حلالاً وولداً لقوله تعالى: {اسْتَغْفِرُوا رَبّكُمْ إنّهُ كَانَ غفارا} . الاية فإن رأى كأنه فرغ من الصلاة واستغفر الله تعالى ووجهه إلى القبلة فإنّه يستجاب دعاؤه وإن كان وجهه إلى غير القبلة
يذنب ذنباً ويموت ولم يتب منه فإن سكت عن الاستغفار دل على نفاقه لقوله تعالى: {وَإذْا قِيلَ لَهُمْ تَعَالُوْا يَسْتَغْفرْ لَكُمْ رَسُولُ الله ... } . الآية فإن رأت امرأة كأنّه يقال لها استغفري لذنبك فإنّها تتهم بفاحشة لقصة زليخا فإن رأى أنّه يقول سبحان الله فرج عن همومه من حيث لا يحتسب فإن رأى كأنّه نسي التسبيح أصابه حبس أو غم لقوله تعالى: {فَلَولا أنّهُ كَانَ مِنَ المًسَبِّحِينَ} . فإن رأى كأنه قال لا إله إلا اله أتاه الفرج من غم هو فيه وختم له بالشهادة فإن رأى كأنه يكبر الله أوتي مناه ورزق الظفر بمن عاداه فإن رأى كأنّه يحمد اللهّ نال نوراً أو هدى في دينه
(ومن رأى) كأنه يشكر الله تعالى نال قوة وزيادة نعمة وإن كان صاحب هذه الرؤيا والياً ولي بلدة عامرة لقوله تعالى: {واشْكُرُوا له بلدة طيبة ورب غفور} . وقيل (من رأى) كأنه يحمد الله رزق ولداً لقوله تعالى: {الحمد لله الذي وَهَبَ لي عَلَى الكِبَرِ إسْمَاعِيلَ} .
(ومن رأى) أنه يصلي يوم الجمعة فإنّه يسافر سفرا ينال فيه خيراً وبراً ورزقاً وفضلاً
(ومن رأى) كأنه يصلي صلاة الجمعة يوم الجمعة اجتمعت له أموره المتفرقة وأصاب بعد العسر يسراً وقيل (من رأى) هذه الرؤيا فإنه يظن خيراً وليس كذلك
(ومن رأى) كأنه فرغ من الصلاة وقضاها نال من الله فضلا واسعاً فإن رأى أنّ الناس يصلون صلاة الجمعة في الجامع وهو في بيته أو حانوته
أو قرية يسمع التكبير والركوع والسجود والتشهد والتسليم ويظن الناس قد رجعوا من الصلاة فإن والي تلك الكورة يعزل وإن كأنّه يحفظ الصلاة فإنّه ينال كرامة وعزاً لقوله تعالى: {الذِينَ هُمْ عَلَىِ صَلاَتِهِمْ يُحَافِظون} . فإن رأى أنه يصلي وخرج من المسجد فإنه ينال خيرا ورزقاً لقوله تعالى: {فإذا قُضِيَتِ الصلاةُ فَانْتَشِرُوا في الأرْض وَابتَغُوا مِنْ فَضْل الله واذْكُروا الله كَثِيرَاً لَعلّكُمْ تُفْلِحُون} .