باب في أوقات الصلوات

أوّل وقت الظهر إذا زالت الشمس عن خطّ وسط السماء وأخذ الظلّ في الزيادة. وذلك أن الشمس إذا طلعت كانت الظلال ممتدّة إلى جهة المغرب. وكلما (١) ارتفعت الشمس نقص الظلّ ، وانحرف إلى جهة الشمال ، حتى تصير الشمس في خط وسط السماء ، فيقف الظلّ حينئذ عن النقصان. ويسمّى ذلك ظلّ نصف النهار.

ومعرفتك لذلك بأن تقيم شخصا معتدلا ، عودا أو غيره ثم تقيس من أصله إلى منتهى ظله ، ثم تصبر قليلا ، وتعاود قياس ظله ، كما فعلت أوّل مرّة ، فإنه وجدته قد نقص عن الأول فالشمس لم تزل بعد ، ولم تصر (٢) في خط وسط السماء ، وإن وجدته مثل الأوّل فأنت في نصف النهار ، والشمس في وسط السماء فاحفظ مقدار الظل حينئذ ، فهو مقدار نصف النهار وقيل : هو الذي تزول الشمس عليه بالزيادة ، وعليه (٣) تعتبر أوقات الصلوات.

ثم تزول الشمس عن خط وسط السماء ، وتنحطّ إلى وجهة المغرب ، وذلك عند انقضاء الساعة السادسة من النهار ودخول الساعة السابعة. فيزيد الظلّ حينئذ ، وينتقل إلى جهة المشرق ، ويسمّى فيئا ، لأنه فاء ، أي رجع من جانب إلى جانب. وذلك أوّل وقت الظهر وسمّيت ظهرا لأن وقتها يدخل في الظّهيرة والظهيرة أشدّ أوقات النهار حرّا ، وهي وقت القائلة (٤).

__________________

(١) في الأصل المخطوط : كلما ، بدون واو.

(٢) في الأصل المخطوط : ولم يصر ، وهو غلط.

(٣) في الأصل المخطوط : عليه ، بدون واو.

(٤) القائلة : بمعنى القيلولة هاهنا ، وهي نومة نصف النهار.

 

ثم تزداد الشمس انحطاطا ، والظلّ زيادة. فإذا صارت زيادة الظل على ما كان عليه في نصف النهار فتلك وسط الظهر ، وهو الوقت المستحب لصلاة الجماعة. وإذا صارت الزيادة مثل طول الشخص فذلك آخر وقت الظهر ، وهو نفسه أوّل وقت العصر ، يكون مشتركا بينهما.

فإذا زاد الفيء على طول الشخص شيئا خرج وقت الظهر واختصّ الوقت بالعصر. ثم إذا بلغت زيادة الفيء مثل طول الشخص كان ذلك آخر وقت العصر. وسمّيت (١) العصر عصرا باسم الوقت الذي يصلّي فيه. والعصر عند العرب العشاء وابتداؤه من وقت امتداد الظلال وانكسار حرّ النهار. يقال : جئتك عصرا أي عشاء حين راح النهار.

ووقت المغرب إذا غابت الشمس ، لا تؤخّر (٢) عن ذلك إلّا لضرورة ، ولذلك سمّيت صلاة المغرب ، لأنها تصلّى عند مغرب الشمس ، وهو مغيبها. يقال : غربت الشمس غروبا ومغربا أيضا.

وأوّل وقت العشاء إذا غاب الشفق الأوّل ؛ وهو الحمرة الباقية بعد الشمس في أفق المغرب. وآخر وقتها إذا غاب الشفق الثاني ، وهو البياض الباقي بعد الحمرة ، وهو يغيب عند مضيّ ثلث الليل. وقيل : إنه يغيب في نصف الليل ، فآخر العشاء على هذا القول نصف الليل.

وأوّل وقت الصبح إذا طلع الفجر الثاني ، وهو البياض الساطع المعترض في الأفق ، وآخر وقتها الإسفار الأعلى الذي يقرب من طلوع الشمس.

__________________

(١) أنث الفعل على معنى صلاة العصر.

(٢) لا تؤخر : أي الصلاة لا تؤخر.