مخطوطة الأنواء وعملنا فيها

وقفت على نسخة مخطوطة فريدة من كتاب الأزمنة والأنواء لأبي إسحاق ابن الأجدابي بين مخطوطات الشيخ اسماعيل صائب سنجر المحفوظة الآن في مكتبة كلية اللغات في جامعة أنقرة. وهي ضمن مجموع صغير عدد أوراقه ٦٤ ورقة ، تشغل منها الأوراق ٥٢ ـ ٦١ ، ولا أخت لهذه النسخة في العالم ، فيما نعلم.

وهي نسخة جيدة ، على وجه العموم ، بالرغم من كثرة التصحيف ، وشيوع الغلط فيها. وقد كتبت في حلب سنة ٧٤٢ بخط معتاد ، مشكول بعض الشكل ، ورسمت فيها الأبواب بالحمرة ، وبحرف أكبر. قياسها ١٨ ١٣ سم ، ومسطرتها ١٩ سطرا. وقد خرمت منها بضع ورقات. وسنشير إلى ذلك في موضعه.

كانت غايتي في تحقيق الكتاب تصحيح متنه أولا ، وشرح مسائله التي تحتاج إلى الشرح ثانيا.

فسعيت جهدي ، في سبيل هذه الغاية المزدوجة ، إلى تصحيح التصحيفات التي كثرت في ثنايا الكتاب ، وتقويم الأغلاط التي شاعت بين سطوره. ومعظم هذه التصحيفات والأغلاط من ضلال النسخ على الأغلب. ثم عملت ، بقدر طاقتي ، على إكمال ما اعتوره من نقص وسقط في بعض المواضع. واستعنت في ذلك بكتب الأنواء ، ورجعت إلى كتب اللغة والأدب. وأثبت ذلك كله في حواشي الكتاب.

ثم عدت إلى الكتاب كرة أخرى ، بعد تحرير متنه ، فشرحت كثيرا من مسائله ومصطلحاته ، موضحا غامضها ، ومفصلا موجزها ، دون الإكثار من التفاصيل ،

 

ودون الانسياق وراء الدقائق الجزئية في الموضوع. واعتمدت في ذلك بعض المصادر والأصول في موضوع الأزمنة والأنواء وما إليها ، مثل كتاب الأنواء لابن قتيبة ، وكتاب الأزمنة والأمكنة لأبي علي المرزوقي ، وكتب أبي الريحان البيروني ، وغيرها.

هذا ولم أهمل ، مع ذلك ، تخريج الشواهد التي استشهد بها المؤلف في ثنايا الكتاب من أحاديث الرسول ، واشعار العرب وأسجاعهم وأمثالهم. وشرحت منها ما كان في حاجة إلى شرح. وأوردت كذلك صلاتها ، زيادة في إيضاحها وتوثيقها.

وصنعت للكتاب ، وراء ذلك ، فهارس فنية عديدة ، بقصد تيسير الإفادة منه بأقل جهد وأقرب سبيل.