الأزمنة وما يصلح فيها

قال عبد الملك:
وسمعتهم يقولون: السنة أربعة أزمنة ولها أربعة أمزجة: صيف، وخريف، وشتاء، وربيع.
فالشتاء ثلاثة أشهر: دجنبر وينير وفبراير، وهو بارد رطب ومزاجه البلغم والخام وهما باردان رطبان يؤمر فيها باجتناب أكل [اللحم] البقري، والكراث والسلق.
ويستحب فيه شرب الماء الفاتر على الريق، وأكل الدجاج، والحمص، والودك الكثير، والكرنب، وأكل الزنجبيل، والفلفل، والصناب، وأكل الثوم بالعسل، وكل حار وشربه.
واجتناب البارد من الطعام ويستحب فيه تعاهد الجماع والحمامات والاصطلاء وتعريق الجسد وغمره لأن العروق والعصب تقسح فيه وتبرد.
ويكره فيه كثرة الاغتسال والتصبح والنوم كله بالنهار، و [ينهى] فيه عن شرب
الماء بالليل بعد النوم فإن منه يكون ضيق النفس.
ويستحب فيه استخراج الخام والبلغم ومضغ المخاضع ولزوم الغراغر بالصناب، والرب ولزوم القيء بالبكر بأكل الفجل، والخردل، والجرجير، والثفاء، وكل شيء حار، ثم يشرب عليه العسل فلبث قليلا ثم يتقيأ على إثره.
والربيع ثلاثة أشهر وهي: مارص، وإبريل وميه. وهو حار رطب يؤمر فيه باجتناب أكل الثوم، والكراث، والبصل، والفجل، والسلق، والكرنب، وكل بقلة قديمة، أو عروق يكون تحت الأرض من أجل الداء الذي يكون فليها وهو في عروقها إلى فروعها، ومن أكلها تثور عليه الدم والبلغم وأخذه في حنجره مثل الذبحة.
وينهى عن أكل الرؤوس والأكارع ورؤوس الحيتان وأذنابها من أجل الندى يسقط على العشب فتأكل منها البهائم فيحري في رؤوسها وأرجلها. فمن أكل الرؤوس والأكارع ومن الحيتان الرؤوس والأذناب في هذا الجزء علق ذلك في رأسه وأصابته منه غشاوة في بصره.
ويؤمر فيه بإقلال من الجماع وذلك أنه يهيج ويتقي فيه كثرة شرب الماء، ويستحب فيه أكل الحلاوة وشربها على الريق وأكل [] بالعسل وبغير العسل، والنبق وأكل السماق وشربه وكل شيء فيه حموضة، وكل يابس بارد لأن الدم حار رطب.
ويستحب فيه أكل القطف، والقرع، والرجلة، والملوخيا. ويؤمر فيه بالاستمشاء، والاحتقان، والاحتجام، والاطلاء، وقطع العروق لمن اضطر إلى قطعها، ومن بقي فإنه ربما بقي فيه على من فيه فضل دم وآبد على الطبيعة لأنه زمانه وسلطانه وتثوره.
ومن علاج تثوره أن يشرب من الإهليلج مثقالا ومن التربد مثقالين فإنه يمشي بعد الحرارة التي يتثور منه الدم.
والصيف ثلاثة أشهر: ينيه ويليه وغشت وهو حار يابس، مزاجه المرة الحمراء وهي حارة يابسة، يؤمر فيه باجتناب أكل الرؤوس والأكارع ورؤوس الحيتان وأذنابها كما وصفنا في الجزء الذي قبله و [ينهى] فيه عن أكل الملوخيا، والفجل، والكرنب، والأطعمة السخنة، وكل حار مثل الفلفل، والصناب، والزيت، والمالح كله فإن المالح والحار [يهيجان] العطش فتثور منه المرة والمرض، ويؤمن فيه بالإقلال من الجماع من أجل تثور الدم فيه من شدة الحر، و [ينهى] عن دخول الحمام، وعن السفر لشدة الحر، وعن الجلوس في الشمس، وقرب النار.
ويستحب فيه من الأطعمة كل بارد رطب مثل البطيخ، والخوخ، والقطف، والقثاء، والرجلة، وكل بارد. وشرب الماء البارد على الريق ويكثر فيه من شرب الماء البارد على كل حال، وأن يتعاهد فيه الحقن الملينة [المسهلة] والمشي الذي يسيل ويحرك الخام لأن فيه يؤجع الماء إلى أصله و [يلوى] العود.
ويؤمر فيه بشرب كل ما يفطر المرة من الروب رب العصير ورب الأترج ورب السفرجل وأشبه ذلك، ويكثر فيه من أكل الحلاوة والحموضة وكل شيء يلطف حارة المرة وأوجاعها.
والخريف ثلاثة أشهر: شتنبر واكتبر ونوبنبر، وهو بارد يابس، مزاجه المرة السوداء وهي باردة يابسة، [ينهى] فيها عن أكل المملوح، وعن أكل الملوخيا، وعن أكل الكرنب حتى يصيبه الأمطار.
ويؤمر فيه بأكل الكراث نيا ومطبوخا، و [بشرب] اللبن وأكل التين، والتفاح، والحموضة كلها وينهى فيه عن دخول الحمام.