مزاج الألبان وما فيها من العلاجات

قال عبد الملك بن حبيب:
اللبن: كله في الجملة بارد رطب إلا أن لبن [البقر] غليظ، ولبن الإبل
لطيف، ولبن الضأن معتدل، ولبن الضأن أغلظ من لبن المعز رطب، والمخيض ألطف من الحليب وأيبس. وألطف الألبان لبن النساء، وأشبه لبن النساء لبن الأتن، وفي لبن الأتن منافع لمن كان به إفراط حرارة ويبس، ولمن كانت به أوجاع الصدر، والقرح الذي في الأمعاء، ووجع الكليتين، والسعال، وفيه لطافة مشاكلة لرطوبة طباع الناس، ثم يليه في اللطافة من الألبان ألبان الإبل وقد يطلق البطن، وينفع من كان به الماء الأصفر إذا شربه، وينفع أيضا من ورم [الطحال] ، وينقص الورم، ويعطوا الجسد.
ولبن المعز: إذا غلي وطبخ ينفع من السعال، وقروح الأمعاء، وقرح الكليتين، وقرح الرئة والمثانة وذلك أن [يؤخذ] لبن المعز فيجعل في قدر ثم [يؤخذ] الحصب أو الحديد فتحمى، ثم يجعل اللبن فيغلي بها حتى ينشف بعض لدونته، ثم يسقى منه المحتاج إليه كل يوم بقدر حاجته.
وقد يطبخ أيضا على وجه آخر: يؤخذ مكيال من لبن، ومكيال من ماء فيجعل في قدر فيوقد تحته نار لينة حتى يذهب الماء ويبقى اللبن.
وقد يطبخ معه وزن مثالين أو ثلاثة من الخشخاش وهو زريعة النعمان الكبير
وشيء من طبرزد. وربما طبخ معه من الكثيراء ووزن مثقالين أو ثلاثة فينفع بإذن الله من السعال.
ولبن البقر: الحليب فإنه لا [يسقى] لشيء من الأوجاع إلا القرح يكون في الأرحام وسقيه مطبوخ أو حليب حار، ومخيض لبن البقر شفاء من أمراض شتى، وهو جيد من السل، ومن الحرارة في الكبد، وهزالها وضعفها، وهو يزيد في المني ما لم تشد حموضته. ولبن البقر أزيد في المني من سائر الأسمان والألبان، والمخيض من جميع الألبان بارد رطب فإذا احمض جدا، كان باردا، يابسا.
وأما الجبن: الذي يعمل من لبن المعز فينفع من اليرقان وهو صفرة العينين والجسد، ويخرج المرة المحترقة إذا شرب منه قدر صغير بقدر قوة شاربه عليه وبما خلط مع القرطم المدقوق وهو زريعة العصفر.
ولبن الضأن: يشبه لبن المعز غير أنه أغلظ وأسمن من لين المعز.
واللين كله قد يسرع التغيير في الجوف والانقلاب إلى الغالب من الأخلاط: إن صارت المرة غالبة في الجوف انقلب إليها، وإن صار البلغم غالب انقلب إليه [خاصة] اللبن الحليب. فلذلك ينبغي لمن أراد شربه أن يبدأ بنفض ما في بطنه من الأوساخ، ثم يشرب اللبن فإنه من شربه بعد نفض بطنه انتفع به وزاد عضوة للجسد، ومن شربه قبل إنفاض بطنه ضره، وانقلب إلى الغالب من أخلاطه. ولبن الربيع أرق الألبان من الذي يكون بعد ما يبس المرعى.
والجبن الرطب: كله في الجملة ما كان منه من المعز، أو الضأن، أو البقر غليظ بطئ الانهضام، وإذا كان بالعسل فهو سريع الانهضام ولا يضر عند ذلك.
والجبن العتيق: حار يابس وكل ما عتق ازدادت حرارته وولد الدم الغليظ الذي يولد المرة السوداء لأنه يولد الفضل الغليظ، ويولد [الحصاة] في المثانة لأن [الحصاة] إنما تكون من الفضل الغليظ. وقد ينفع لباب الجبن إذا شوي فأكل بالخل من استطلاق البطن إذا لم تكن المعدة ضعيفة.