حيوية مشروع الشارقة الثقافي

18-03-2019
يوسف أبو لوز

مرة ثانية، وليست أخيرة، تحضر صورة الشارقة الثقافية، ومشروعها التنويري، في معرض باريس الدولي للكتاب في دورته التاسعة والثلاثين. ومرة ثانية، وليست أخيرة، يشكل مشروع الشارقة الثقافي أكثر من جسر للمعرفة والفكر والفنون والآداب توصل روح الثقافة العربية، وروح التاريخ العربي إلى ثقافات العالم الحيّة ولغاته ومنصّاته الحضارية.

في كل حدث ثقافي عالمي يتمثل في معرض كتاب، أو في مهرجان مسرحي، أو في تظاهرة فنية تشكيلية، أو في منتدى فكري نخبوي أو شعبي إقليمي أو دولي، يحضر مشروع الشارقة الثقافي بوصفه شريكاً وفاعلاً وناشطاً حيوياً في كل هذه الملتقيات التي تعتبر العمل الثقافي الأساس في بناء الثقة والحوار والاحترام المتبادل بين الشعوب.

نعم، الثقافة هي الرهان والأمل والتفاؤل، والقوّة الناعمة، بل القوّة المدنية الإنسانية التي تمنح الشعوب الطمأنينة والتكامل والتعايش. والثقافة بكل مكوّناتها وتعريفاتها الإيجابية العالمية المشتركة هي التي تحوّل العالم، كما يقولون، إلى قرية صغيرة، هي بالفعل قرية الإنسان الطيب الجميل، المتفائل والمتسامح. إنسان الجمال والاكتفاء والرقيّ. إنسان التعاون والرفق والمحبة.

هذه إشارات الثقافة، وهذه رسالتها، وهذه وظيفتها النبيلة. والشارقة، منذ انطلاق مشروعها المستقبلي الحضاري، عرفت جيداً هذه الإشارات، وانطلقت منها على مراحل. أولاً ممّا هو محليّ إماراتي، إلى ما هو إقليمي، وممّا هو محليّ إماراتي إلى ما هو عربي، وممّا هو محلي إماراتي إلى ما هو عالمي بالتدريج، وبالرؤية الإدارية الناجحة، وبالتخطيط المنظّم، وبالمبادرات المتوالية التي شكّلت البنية العامّة لمشروع الشارقة الثقافي.

هذه البنية الثقافية، الإماراتية، العربية، العالمية ومكانها الشارقة وراءها وأساسها وضميرها رجل ثقافة، مؤرّخ، وباحث، ومسرحي، وشاعر، وكاتب، وأمام ذلك مُدبّر وموجّه وأمين على مشروعه وعلى متواليات هذا المشروع منذ أواخر سبعينات القرن العشرين وحتى اليوم بعزيمة قوية وكرم معنوي ومادّي من أجل حقيقة هذا المشروع، ومن أجل هويته العربية - العالمية.

أساس، وضمير وأمين مشروع الشارقة الثقافي، كما يعلم العالم كله هو صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وفي كل مناسبة ثقافية نتعلم من فكر سموّه، ونصغي إلى نداء قلبه وأشواق روحه العاشقة للثقافة.

ينبّه سموه في جناح الشارقة في باريس إلى أن تنمية الثقافة لا تقتصر على القراءة فقط، وإنما كما قال «جميع طرق التلقي، مثل المحاضرات والمدارس والجامعات التي تثقّف الإنسان بالإضافة إلى الفنون والمسرح».

بكلمة ثانية، ثقافة المسرح وثقافة التشكيل، وثقافة المعمار، والموسيقى، والزّيّ. هذه وغيرها تكمّل ثقافة القراءة وتعزّزها، وتحوّل القراءة إلى شيء عملي ملموس ومرئي ومكتمل.

اكتمال مفهوم القراءة وثقافتها هو أحد الأركان الأساسية في مشروع الشارقة الثقافي، واليوم نعاين تطبيقات هذا الركن بكل مهنية وتنمية وإنتاجية ثقافية في الإمارات.

yabolouz@gmail.com