قوة ما يحدث في عصرنا

18-03-2019
شيماء المرزوقي

هناك البعض من علماء الآثار والإحاثة والمنقبين، ممن نشروا كتباً وآراء عن وجود حضارات وتقنيات متطورة كانت سائدة منذ حقب وقرون ماضية ثم اختفت. وهذا أمر مذهل وأيضاً يدعو للدهشة، فكيف يمكن التصديق أن علماء الآثار وجدوا في الصين أدوات مصنوعة من الألمنيوم ويعود تاريخها لنحو 2000 عام مضت ونحن نعلم أن الألمنيوم تحديداً لم يكتشف إلا في فترة زمنية تقل عن مئة وخمسين عاماً؟ أو كيف يمكن التصديق أن هناك كتباً قديمة تضمنت شروحاً عن صناعة الزجاج والحديد ومعادن فوسفورية؟ أو ما هو شعورك عندما تقرأ أن أول بطارية كهربائية يرجع تاريخها إلى القرن الثالث الميلادي، بينما جميعنا يعلم أن تاريخ الكهرباء برمتها حديث كلياً وقد لا يتجاوز ال300 عام؟ مثل هذه المعلومات؛ ألا تولد الاستفسارات؟ وأهم تلك التساؤلات: لماذا تلاشت تلك المخترعات واختفت، لتبدأ البشرية مرة أخرى من الصفر؟

أدرك أن الحديث عن حضارات بشرية متطورة عاشت وتلاشت وانتهى معها كل وهجها ومخترعاتها ومبتكراتها منذ قرون طويلة، يشبه الحكايا الخرافية والخيالية، لكن الأمر تجاوز وضع النظريات إلى حقائق علمية، فالتطورات في مختلف مجالات العلوم، ومنها التقنيات والآلات الحديثة، مكنت العلماء من تقديم هذه الكشوف المذهلة عن تلك الحضارات الغابرة التي ملكت نوعاً من التطور وعاشت في ظل تقنيات نستخدمها في هذا العصر. ونعود نحو التساؤل البديهي: لماذا تلاشت؟ لماذا انتهت ولم تصل إلينا؟ والإجابة توضح جزءاً حيوياً وهاماً من قوة الحضارة البشرية الحالية التي نعيش في ظلها اليوم، وهي قوة حفظ المعلومات ووجود وسائل وتقنيات وطرق تحفظ كل هذا الوهج وكل هذا التطور للأجيال القادمة، وهذه الخاصية هي التي فقدتها تلك الأمم وتلك الحضارات، والتي قد تكون انهارت نتيجة لفيضانات أو زلازل أو براكين أو نحوها من العوامل الطبيعية، أو نتيجة للعامل البشري مثل أن يقع غزو خارجي، حيث يقوم المنتصر بتدمير كل المباني والصروح العلمية كانتقام ولطمس معالم الرقي والتطور عند تلك الأمة المهزومة.

في عالمنا اليوم ووفق التقنيات التي نعيشها لن تتكرر مثل هذه الأحداث أو الجرائم التي تطمس وتدمر الحضارة البشرية، لأن قوة العلم وديمومته باتتا ماثلتين ومتواجدتين، وكأنهما جزء من البشرية والطبيعة نفسها.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com