مذبحة المسجـدين في نيوزيلـندا مختصر مفيد

17-03-2019

أحمد الدواس

خرج من سورية مهاجرون حاول كثير منهم اللجوء الى تركيا وأوروبا، نجح بعضهم في دخول شرق أوروبا، فتحرك الشعور القومي في دول البلقان التي كانت يوماً مـا تحت سيطرة المسلمين العثمانيين، ففي التاريخ الهنغاري صورة لملك هنغاريا وهو يـنزع التاج من على رأسه ويعطيه لممثل الدولة العثمانية استسلاماً للمسلمين، وهناك قبر سليمان القانوني في مدينة سيغيفار الهنغارية، لذلك كان موقف رئيس الحكومة الهنغارية معادياً للمسلمين.
في يوليو العام 2016 وصف رئيس حكومة هنغاريا فيكتور اوربان دخول اللاجئين لاوروبا بأنه “سـم “، وقال “ان الإسلام ممنوع بموجب الدستور الهنغاري، وان هنغاريا تعتبر اللاجئين السوريين غزاة لايحتاجون المساعدة، متعجرفون جاؤوا بصيحات الله أكبر، وكان لابد من الدفاع عن هنغاريا وأوروبا وحماية أسلوبنا في الحياة، ان لهنغاريا تاريخاً من الثقافة المسيحية عمره ألف سنة ”، واستمر هذا المسؤول الهنغاري المتعصب يمقت العرب والمسلمين علانيـة الى يومنا هذا، كما تحركت بلدان البلقان كهنغاريا ومقدونيا وكرواتيا وسلوفينيا فوضعت الأسلاك الشائكة على حدودها ومنعت تدفق اللاجئين.
في الوقت نفسه دخل آلاف السوريين ألمانيا، وظهرت جماهير الشعب الألماني وهي تحمل لافتات تقول ” نحن نحب المهاجرين “، لكن تنظيم داعش الإرهابي حرك عناصره المتطرفة فقام بتفجيرات قتلت بعض الأوروبيين في فرنسا وبلجيكا وألمانيا، وظهر الاستياء على وجوه الألمان، وطالبوا بوقف تدفقهم الى بلادهم، وفي فرنسا ظهر التيار اليميني المعادي للمهاجرين بزعامة مارين لوبان، فهي ضد المهاجرين والإسلام وتعدد الثقافات، وتطالب بوضع نقاط تفتيش على الحدود وطرد الأجانب، وفي بلدان أوروبية أخرى مثل النمسا فاز تيار سياسي متعصب يتزعمه شاب عمره 31 سنة هو سباستان كورز برئاسة الحكومة النمساوية، ليرأس حكومة متعصبة بالنمسا تشترط على المهاجرين ترك ثقافتهم وإلا دفع غرامات.
خلال هذه المرحلة الزمنية جرت انتخابات الرئاسة الأميركية، وحدثت في أميركا محاولات إرهابية، فاستغلها المرشح أنذاك دونالد ترامب وأخذ يلعب على وتر خطر المهاجرين، وكانت أفكار ترامب قاسية، فقد وعد بإنشاء قوة لترحيل الأجانب تقتحم المنازل والكنائس والمدارس والمحلات التجارية وتطردهم، وسيغلق المساجد، وسيرحل السوريين الهاربين من داعش
وهم نساء وأطفال، وبلغ التعصب بترامب إلى أن قال ” لاأريد
سورياً يقترب مني “، كأنه يريد ان “يشرعن الكراهية ضد المسلمين”.
ووصف ترامب مستشارة ألمانيا انجيلا ميركل بأنها ارتكبت خطأ جسيماً عندما فتحت حدود بلادها أمام اللاجئين والمهاجرين، وفي كندا كان رئيس حكومتها جاستن ترودو قال “ان كندا ترحب باللاجئين بغض النظر عن دينهم فالتـنوع قوتـنا “، لكن حكومته عادت أخيراً فوضعت قيوداً عليهم.
وهكذا فان وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين السياسيين الغربيين زرعت الكراهية في نفوس الأوروبيين والغربيين ضد المسلمين بالذات، وهو ما دفع احد الاستراليين وعمره 28 عاما الى دخول مسجدين في نيوزيلندا وهو يحمل بنادق ويقتل نحو 49 مسلماً بريئاً ما أثار موجة استنكار عالمية.
يقول الكاتب وجاهات علي، في مقالة له، في صحيفة نيويورك تايمز يوم الحادث: “وسائل الإعلام وتصريحات المسؤولين السياسيين الغربيين المتطرفة ضد المسلمين مسؤولة عن الحادث، وان هؤلاء السياسيين والشخصيات الإعلامية يزعمون بـتفوق الجنس الأبيض على بقية الأجناس حتى يحركوا في الناس مشاعر التطرف بحجة إنقاذ ” الحضارة الغربية” من ” الغـزو” الأجنبي، وهي ماجعلت الأسترالي يرتكب المذبحة”.
يضيف: “إن أيدي هؤلاء السياسيين والإعلاميين ملطخة بالدم، لقد رأينا هذا من قبل عندما قتل النرويجي أنديرز بريفيك 77 شخصا في بلاده سنة 2011، فهذا الشخص أراد ان يعاقب أوروبا لأنها رحبت بالمهاجرين المسلمين، وقبلت بمسألة تعدد الثقافات، ان استراليا التي ينتمي إليها مرتكب المذبحة بها لغـة متعصـبة ضد المسلمين، وفيها حزب يميني متطرف يرى أن الإسلام ليس ديــناً بل فكر استبدادي يريد الانتشار عالمياً، وهذه التصريحات والمشاعر تحمل رسالة مفادها ان التطرف متأصل بالمسلمين، وأنهم ” قنبلة موقوتـة” في المجتمع الأوروبي والغربي، ماشجع على ارتكاب هذه المذبحة بحق مسلمين أبرياء”.