دردشة في عقدة اللسان

17-03-2019
عبداللطيف الزبيدي

ما الذي يمنع أربعمئة مليون عربي، أو 1.5 مليار مسلم من إبداء الرأي الصريح في أخطر القضايا على وجودهم؟ مذبحة نيوزيلندا برهان صارخ على أن العرب والمسلمين، هم دائماً في «بوز المدفع» بلا بديل في الإصرار على قتلهم أو تشويه الصورة، كشعوب أو كدين. بأي منطق أو إحصاء موضوعي تقع مسؤولية الجنايات الإرهابية، طوال العقود الأخيرة، بنسبة تتجاوز 95%، على العرب والمسلمين؟ أفجأة صارت نساؤهم لا يلدْن إلاّ المجرمين المأجورين؟ الغريب هو أن الإرهابيين المجنّدين من العرب والمسلمين، لا «يُعدّلون مزاجهم» إلاّ بتوجيه الطعنات النجلاء إلى العرب والمسلمين. لكنهم في سبيل تحقيق هذه «الغاية النبيلة»، يحظون بشلالات من العون ممّن أياديهم بيضاء كالفوسفور الأبيض، فإذا مرّروا لمساتها الحانية على بلد، تركوه صفحة بيضاء.
أقوال مرتكب المجزرة ملهمة بخيوطها الدقيقة، موحية بالحقيقة. أتى السفّاح بذريعة العداء للمهاجرين، فلماذا يكون الانقضاض على المسلمين وحدهم وفي صلاتهم؟ أم أن البلد لا يعكّر صفو خلوصه من «الشوائب» إلاّ المسلمون؟ ثم يشطح بعيداً ليرفع راية تخليص بلاد الغرب كلها من الأعراق والألوان الأخرى غير البيضاء، وهذا جهل لأن البيض ليسوا غربيين بالضرورة. من الجهل ما يفضح النوايا، يهذي بأنه ضد المهاجرين الذين يراهم غزاة، ويوجه رسالة تشجيعيّة إلى الرئيس ترامب، فهل المجرم نفسه يحمل وثيقة علمية إثنية أنثروبولوجية بيولوجية، تدلّ على أنه ليس مهاجراً؟ ومن أين له البياض إذا كان أسترالياً من سبعمئة جدّ؟ الكوميديا هي أن الولايات المتحدة ذاتها مختوم عليها قول الجنرال ديجول: «أنا لا أعرف أمريكياً هو أمريكي حقاً». بل إن الأطرف هو أن البشرية كلها مهاجرون من إفريقيا، وأوروبا على مرمى حجر من إفريقيا. هل البيض الألمان والبريطانيون في نيوزيلندا أقرب إليها من الإندونيسيين والماليزيين، أم لأن هؤلاء أتباع دين غير مرغوب فيه ولا في معتنقيه؟
لزوم ما يلزم: النتيجة البرائيّة: العرب والمسلمون لم يختلقوا القاعدة ولا «داعش» ولا النازية الجديدة، غرابيلكم لن تحجب الشمس.

abuzzabaed@gmail.com