مرشد سياحي مواطن

16-03-2019
راشد محمد النعيمي

باتت الإمارات اليوم وجهة سياحية عالمية، يتقاطر عليها الزوار من كل حدب وصوب، وتضم في أنحائها وجهات مبتكرة وجاذبة تزداد تميزاً وتألقاً يوماً بعد آخر، بفضل الإبداع في الإنجاز، والابتكار في التصميم، والتميز في الإدارة والتشغيل؛ وبذلك أصبحت اسماً شهيراً على خريطة السياحة العالمية، يجتذب السياح طوال أيام السنة، فلا مواسم في سياحة الإمارات، بل كل أيام السنة موسم بالنسبة لها، وكل ذلك نتيجة الاستثمار المدروس في هذا القطاع، والتخطيط المنهجي لكل تفاصيله، والتكامل بين مختلف الجهات، سعياً للعمل وفق منظومة واحدة لا يختل ركن منها، ولا يشذ عن الآخرين.
وسط كل تلك النجاحات كان لابد للصورة أن تكتمل، وأن يسهم المواطن بقوة وفعالية في هذا العمل، بأن يتولى مسؤوليات كبيرة فيه، وهو ما تحقق بفضل الله، وعولجت بذلك أخطاء سابقة، كان السائح القادم إلى الدولة لا يحتك بمواطنيها، ولا يستمع إليهم، خاصة في مجال الإرشاد السياحي، وهو الجانب المهم الذي يجب الالتفات إليه؛ لأنه يمثل قناة مهمة لتمرير المعلومات للزوار، يجب الحرص أن تتسم بالصدق والموضوعية، وتعبر بكل واقعية عن قصة هذا البلد من دون تشويه أو إضافات غير دقيقة من هنا وهناك، وأن تتم على يد محترفين ملمّين بكل التفاصيل، ومستعدين لمواجهة سيل من التساؤلات حول تفاصيل دقيقة تهم السائح.
توطين القطاع السياحي في الإمارات أو الدفع بأبناء البلد لخوض غمار هذا المجال واجب وطني والتزام مجتمعي مهم، التفتت إليه الجهات المختصة العاملة في المجال السياحي، وكذلك المؤسسات الأكاديمية؛ سعياً لتوفير مخرجات قادرة على تولي هذه المهمة، فمَنْ أقدرُ من أبناء الإمارات على التعبير عنها وتوجيه السياح إلى كل التفاصيل المتعلقة بها؟!، خاصة أن السوق السياحي المحلي قادر على استيعاب أكبر عدد من المرشدين المواطنين، في ظل النمو الذي يحققه القطاع الذي يظن البعض أنه غير جاذب، في ظل النظرة الاجتماعية لمهنة المرشد السياحي التي يجب أن تكون إيجابية؛ لأن المهنة تعتمد اعتماداً كبيراً على واحدة من أهم القيم الإماراتية الأصيلة، وهي الضيافة وحب الناس.
برنامج المرشد السياحي الإماراتي في دبي إحدى هذه المبادرات التي تهدف إلى تسريع دخول المواطنين إلى هذا المجال المهم، وتحفيز الشباب للعمل في هذه المهنة التي تعتمد على مشاركة المرشد السياحي المواطن اهتماماته مع زوّار دبي، ممّا يفسح المجال لاستخدام أساليب مبتكرة تثري من تجارب الزوّار في البيئات المختلفة، كما أن برنامج تدريب وترخيص المرشدين السياحيين الإماراتيين في أبوظبي يسعى للهدف نفسه؛ بهدف استقطاب الكوادر المحلية، وإتاحة الفرصة لهم للدخول إلى قطاع السياحة بشكل محترف، والمساهمة في تطوير هذا القطاع الحيوي في أبوظبي، فضلاً عن الارتقاء بجودة ومعارف المرشدين السياحيين الإماراتيين، وتزويدهم بالمهارات الاحترافية التي تؤهلهم للتفاعل مع الزوار.
نتمنى النجاح للجهود المبذولة في هذا المجال، والتي تواجه العديد من الصعوبات، وتحتاج إلى عمل متواصل لتصنيف هذا المجال كبيئة جاذبة، خاصة أن احتراف المواطن في مجال الإرشاد السياحي، وإدراكه لما يحتويه المجال من فرص، قد يكونان من أهم التحديات التي تواجه توطين مهنة المرشد السياحي، الذي يحتاج إلى التسلح بلغات ومعلومات وخبرات تؤهله للنجاح والتميز، وهو الأمر الذي لن يكون صعباً نظراً للكفاءات التي نملكها ونفاخر بها.

ALNAYMI@yahoo.com