دعم الانقسام الفلسطيني وتشريع المخدرات

16-03-2019
حافظ البرغوثي

بلغت اعترافات رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أوجها في حملته الانتخابية الجارية، حيث اعترف بأن قانون القومية الذي أقرته دولة الاحتلال لا يساوي بين اليهود وغيرهم، وأن الكيان الاحتلالي لليهود فقط، وأن الآخرين أي العرب لهم حقوق في دول أخرى، وأن هناك 22 دولة للعرب ولا حاجة لدولة أخرى. وكأن نتنياهو يرد عما قالته الممثلة والمذيعة «الإسرائيلية»، روتيم سيلع، في حسابها في موقع «إنستجرام»، وتحدثت عن حقوق المواطنين العرب السياسية، على خلفية الانتخابات العامة للكنيست.
وقال نتنياهو: «إن ثمة تصحيحاً مهماً: «إسرائيل» ليست دولة جميع مواطنيها». وأضاف «بموجب قانون القومية الذي وافقنا عليه، فإن «إسرائيل» هي الدولة القومية للشعب اليهودي، وله فقط». ولم يكتف نتنياهو بذلك بل ذهب بعيداً في تصريحات مغلقة مع أعضاء حزب الليكود ليعترف علناً لأول مرة بأن تحويل الأموال القطرية لحركة حماس يدعم بقاء الانقسام ويمنع قيام دولة فلسطينية. وقال،«أي شخص ضد الدولة الفلسطينية يجب أن يكون مع تحويل الأموال إلى غزة، لأن بقاء الانقسام بين السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية وحماس في غزة يساعد على منع إقامة الدولة الفلسطينية».
ويأتي حديث نتنياهو في وقت وصل فيه الدبلوماسي القطري محمد العمادي إلى غزة وسط تقارير تشير إلى اعتماد آلية جديدة لإدخال الأموال القطرية إلى القطاع، عوضاً عن إيصالها عبر حقائب في سيارة العمادي، وهي الطريقة التي أثارت حرجاً كبيراً للحكومة «الإسرائيلية» وحماس على حد سواء، وكانت قطر أرسلت بمساعدة المبعوث الدولي ميلادينوف دفعة جديدة من الأموال منها 15مليوناً لحركة حماس لدفع رواتب موظفيها وخمسة ملايين للأسر المحتاجة بمعدل مئة دولار لكل أسرة مقابل التهدئة على السياج الحدودي. وفي موازاة ذلك اضطرت السلطة الفلسطينية إلى صرف جزئي لرواتب موظفيها بنسبة النصف باستثناء أسر الشهداء والأسرى حيث صرفت بالكامل بعد رفضها استلام المستحقات الضريبية التي يجمعها الاحتلال من الجمارك على الواردات الفلسطينية عبر الموانئ الاحتلالية واقتطع الاحتلال عشرات الملايين منها هذا الشهر لأنها مخصصة لأسر الشهداء والأسرى. ومن المتوقع أن تمر السلطة الفلسطينية بأزمة مالية خانقة الشهر المقبل بعد نضوب مصادر الدعم الخارجي والموارد الضريبية المحلية واحتجاز الاحتلال لأموالها. وكانت السلطة الفلسطينية حاولت في السنوات الأخيرة تعيين مدقق حسابات دولي لتدقيق الحسابات مع الاحتلال لكن السلطات «الإسرائيلية» رفضت ذلك وترفض بشدة إعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي الملحق باتفاق أوسلو حيث تتهم السلطة «إسرائيل» بخصم قرابة خمسة مليارات دولار من أموالها دون تدقيق في الحسابات، حيث إن الإدارة الأمريكية الحالية هي من تبنى قانون الكونجرس لحجب المساعدات عن الفلسطينيين ووكالة غوث اللاجئين بحجة أن عدد اللاجئين بضعة آلاف فقط، وأن السلطة تصرف رواتب لمن تصفهم ب«الإرهابيين». وبالتالي سعى الأمريكيون وعلى رأسهم جاريد كوشنر وغرينبلات إلى طرق أبواب قطر مع موفد «إسرائيلي» لكي تمول حماس مقابل ما سمي الهدوء مقابل الهدوء لكن «الإسرائيليين» لم يفوا بكامل تعهداتهم للتوصل إلى اتفاق تهدئة جديد ولهذا استؤنفت المسيرات نحو السياج الحدودي، ولأن نتنياهو في مأزق انتخابي فهو مضطر للتفاوض لتحسين شروط التهدئة التي تطالب بها حركة حماس. فحركة حماس تجد في المرحلة الأخيرة قبل الانتخابات فرصتها لتحسين وضعها في غزة بالمال القطري. فهي تعلم أن نتنياهو لا يحتمل تصعيداً عسكرياً ولا يستطيع القيام بحملة عسكرية كبيرة قبل أيام من الانتخابات، لذا تقتنص الفرصة بينما السلطة باتت هي من تعاني شح الأموال وبات الركود الاقتصادي مهيمناً على الضفة الغربية، ما ينذر بدوره بتفاقم الوضع على الأرض، خاصة مع استمرار المحاولات الاحتلالية للسيطرة على باب الرحمة في المسجد الأقصى وتصاعد الاستفزازات «الإسرائيلية» من قبل المستوطنين والشرطة وأعضاء كنيست في تدنيس المسجد، وكأن اليمين «الإسرائيلي» يريد بموافقة ضمنية من نتنياهو السيطرة على جزء من مسجد باب الرحمة قبل الانتخابات، حيث صعد نجم حزب الإرهابي موشيه فايغلين الذي يرفع شعار «أرض «إسرائيل» الكبرى» ويدعو لطرد الفلسطينيين والسيطرة على المسجد الأقصى وبناء الهيكل المزعوم. كما دخل نتنياهو في منافسة مع فايغلين عضو الليكود السابق حيث دعا فايغلين إلى تشريع الماريجوانا، فرد نتنياهو بأنه سيسعى إلى سن قانون لتشريع المخدرات الخفيفة لجذب أنصار من حزب فايغلين، بعد أن تبين أن الأخير يجذب أصواتا من اليسار واليمين على خلفية سماحه بالمخدرات ومحاولته تهويد الأقصى..

hafezbargo@hotmail.com