نحو عمل ثقافي عربي مشترك

15-03-2019
يوسف أبولوز

خرج الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب على محدودية الفعاليات والبرامج المحدودة والمتخصصة، وطابعها العام إداري أو فني أو تنظيمي. ومنذ أمد بعيد، وعبر الأمانات العامّة القديمة التي تولّت الاتحاد، لم يكن هاجس عمل هذا الكيان العربي الجامع ثقافياً، وأكثر من ذلك، وللأسف، سيطر ما هو سياسي وإيديولوجي على هوية الاتحاد، ونزع عنه كينونته الأدبية الثقافية، لا بل وفي عهود قديمة كان كل كيان ثقافي عربي عضو في الاتحاد يحمل معه «أثقالاً» سياسية هي إملاءات مباشرة من الأنظمة، خصوصاً الأنظمة الحزبية أو ما شابَهها.

وبكلمة ثانية، بدأ الاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب وكأنه شبكة متقاطعة من الانتماءات والمرجعيات، شبكة تخلو تماماً من الثقافة والأدب والانشغال بالسؤال الأهم وهو سؤال الكتابة.

الأمانة العامّة للاتحاد العام للأدباء والكتّاب العرب برئاسة الشاعر والزميل حبيب الصايغ أعادت «عربة» الاتحاد إلى مسارها الثقافي الطبيعي في نشاط ثقافي هو الأول من نوعه في مقر الاتحاد في الإمارات خارج المؤتمرات والاجتماعات الدورية، بحسب نصّ الخبر الصادر عن الاتحاد. وقد جاء هذا النشاط الثقافي الأول من نوعه متأخراً، ومع ذلك أنْ يأتي متأخراً خيرٌ من أن لا يأتي في أيّ وقت، والنشاط الذي جرى تنظيمه بالتعاون بين الاتحاد وهيئة الشارقة للكتاب ينسجم في عنوانه مع المعطيات المفترضة بل الواجبة في عمل الاتحاد، ومن بينها العمل الثقافي العربي المشترك، وتعميق مفرداته وأدواته ومبادراته، فقد طرح الاتحاد عنواناً في هذا الإطار المشترك، فجاءت الندوة لتناقش استراتيجية موحّدة للعمل الثقافي العربي، بأفكار كل من الدكتورة حصّة لوتاه، والدكتور ماجد بوشليبي، والدكتور نصر عارف.

نقول هنا، إن عنوان ندوة الاتحاد الأولى هذه هو أكبر من كونه عنوان ندوة تقوم على ثلاث رؤى لأساتذة نحترمهم ولهم أفكارهم الحيوية في هذا الموضوع، فمناقشة استراتيجية أو وضع استراتيجية موحّدة للعمل الثقافي المشترك تحتاج إلى مؤتمر وليس إلى ندوة، ومع ذلك، تكتسب هذه الندوة أهميتها من الأفكار التي يمكن أن تؤسس فعلاً لمؤتمر ثقافي عربي ينظمه الاتحاد في الإمارات أو في عاصمة عربية يمكن أن توفّر للمؤتمر بيئة حوار حرّ منفتح على قضايا الثقافة العربية، والمثقف العربي من دون أي حسابات أو حساسيات خارج إطار العمل الثقافي العربي المشترك.

إن أمانة الاتحاد العام للأدباء والكتّاب والعرب في الإمارات نقلت الاتحاد فعلياً إلى مرحلة جديدة، مؤشراتها الأولى هذه الندوة المتخصصة، وبعد ذلك أمل الكاتب العربي من الاتحاد العام أن يُجري، وعلى نحو دوري، تنظيم فعاليات نوعية تماماً لكتّاب وأدباء وشعراء وروائيين وقصّاصين ونقاد عرب لم يلتقوا منذ سنوات طويلة في أطر ثقافية صرفة ونظيفة، متخلّصة كلياً من ضغط السياسة والإيديولوجيات المتعصّبة.

yabolouz@gmail.com