إذا أردت أن تطاع!

15-03-2019
محمد إبراهيم

التعليم الخاص جزء أصيل في منظومة العلم؛ إذ يحتضن تقريباً نصف الطلبة في مختلف المراحل، لذا نعول عليه في صناعة الأجيال، كمسار فاعل في التنشئة وإعداد الطلبة للمستقبل، وتوفير المناخ المناسب للمعلمين والعاملين في مدارس هذا القطاع يشكل ضرورة ملحة، إذا أردنا خلق هيئات «تدريسية وفنية وإدارية» مبدعة ومبتكرة.
وإنصافاً للحق، هناك بعض المدارس الخاصة، التي أدركت تلك الضرورة، والتزمت بتوفير كافة الوسائل التي تساعد معلميها وموظفيها على الإبداع من أجل أجيال أكثر إبداعاً، ولكن مع الأسف هناك العديد من المدارس، التي تبدع وتبتكر في تأليف تشريعات داخلية، لا تمت للوائح وقوانين هذا القطاع بصلة، لأسباب مجهولة، وأهداف شخصية قد تكون منشودة.
استوقفتني بعض القرارات الغريبة التي فرضتها مدارس خاصة على كوادرها؛ حيث جعلت الحد الأقصى للإجازة المرضية للعاملين فيها، لا يتجاوز يومين في كل فصل دراسي، بواقع ستة أيام على مدار العام، وهنا بحسب قرار تلك المدارس، على جميع الهيئات العاملة، التنسيق مع ظروفهم المرضية، بحيث لا تزيد على يومين، وإلّا تعرضوا للعقاب.
وهناك بعض المدارس، لم تلتزم بالإجازات الفصلية التي أقرتها وزارة التربية والتعليم، وفقاً للوائح المعمول بها، بل فرضت على معلميها وموظفيها الالتزام بالدوام في إجازات الفصلين «الأول والثاني»، ومنحتهم شهراً واحداً للإجازة الصيفية، بحجة اتباعهم قانون وزارة الموارد البشرية والتوطين، في حين أن العاملين في هذا القطاع بالتحديد، يخضعون عند «التعيين، والحصول على تراخيص مزاولة المهنة، وعدد أيام الدوام والإجازات»، للوائح وقوانين «التربية»؛ نظراً لخصوصية التقويم، وتوزيع أيام التمدرس والإجازات.
وهنا نتساءل أين الجهات القائمة على شأن التعليم الخاص في الدولة، من تجاوزات تلك المدارس؟ وكيف سيكون لدينا معلمون من المبدعين، في ظل هذا المناخ الذي يجردهم من حقوقهم في «إجازات مرضية»، وجدتْ لظروف اضطرارية؟ ولماذا تغرد تلك المدارس في سرب يخالف سرب الميدان التربوي بمختلف مدارسه؟ وماذا يفعل المعلمون في المدارس خلال الإجازة الصيفية؟
الإجابة عن تلك الأسئلة، تأخذنا إلى أهمية وجود رقابة حاسمة، تتابع مدارس هذا القطاع عن كثب، ومع تكرار التجاوزات وتنوعها، تظهر لدينا الحاجة إلى التطوير في قانون التعليم الخاص ونصوصه؛ لكي يواكب المتغيرات والمسارات الحديثة في التعليم، مع مراعاة وجود بنود إلزامية تسهم في إيقاف إبداع تلك المدارس في تأليف تشريعاتها الداخلية التي تخالف اللوائح.
نعلم جميعاً أن قبول معلمي وموظفي تلك المدارس قراراتٍ تتنافى مع القوانين واللوائح، جاء لكي يتجنبوا فقدان وظائفهم، التي تشكل مصدر أرزاقهم، ولكن نقول لتلك المدارس، ينبغي المثول لطبائع الأمور، والالتزام بجوهر وروح القانون، و«إذا أردت أن تطاع فسل ما يستطاع».

Moh.ibrahim71@yahoo.com