الحرية تحدد مستقبل الإنترنت

14-03-2019
تيم بيرنرز لي *

حدثت العديد من الأشياء المؤثرة خلال السنوات الخمسين الماضية من ضمنها مذكرة جيه سي آر ليكليندر الشهيرة «شبكة المجرة المشتركة» والتي تضمنت مفاهيم أدت في نهاية المطاف إلى اختراع الإنترنت في شهر إبريل/نيسان من العام 1963.

كانت التوقعات الأولية عند اختراع الإنترنت تشير إلى أنه من غير المرجح أن تنتشر هذه الشبكة في جميع أنحاء العالم، كونها كانت تقتصر على الاستخدامات العسكرية و المختبرات العلمية. لكن التوقعات أصابتها خيبة شديدة بعد أن حققت الشبكة أرقاماً قياسية في معدلات الاستخدام، فمع ظهور «الشبكة العنكبوتية العالمية»، انتشر الإنترنت مثل النار في الهشيم، ووجدت هذه التقنية مكاناً لها في جميع أنحاء العالم، حتى في القارة القطبية الجنوبية. وكان ذلك نتاجاً لسلسلة من القرارات المستقلة التي أدلى بها مئات الآلاف من مشغلي الإنترنت الذين حققت لهم هذه التكنولوجيا رواجاً لأعمالهم التجارية وغير التجارية، فسعوا جاهدين لإقناع الحكومات بإطلاق هذه الشبكة العريضة في بلدانهم وإنشاء شبكة تواصل تقرب البعيد وتجعل من عملية الوصول إلى المعلومات والبيانات أكثر سهولة وفي متناول الجميع.

وهكذا ظهرت البروتوكولات التي تشغل شبكة الإنترنت من خلال بحث كانت ترعاه وزارة الدفاع الأمريكية ومن ثم المؤسسة الوطنية للأبحاث الأمريكية لاحقاً. وفي نهاية المطاف تم احتضان هذا البحث من قبل المؤسسات الخاصة والمؤسسات العالمية غير الأمريكية، وكما أصبح بإمكان أي شخص إضافة أو تعديل شيء في المعايير التي تدعم شبكة الإنترنت.

أحد أهم أسرار نجاح شبكة الإنترنت وانتشارها هو أنها حرة، وبعبارة أخرى فإن الشبكة لا تجبر أحداً على الانضمام لها أو استخدامها أو تنفيذها. وقد تم تحقيق الترابط بين شبكات الإنترنت بموجب اتفاقيات ثنائية أو متعددة الأطراف بين الكيانات المنفذة.

وتعتبر الحرية في اختيار المعدات والبرمجيات والخدمات ونماذج الأعمال من العوامل التي ساهمت في انتشار استثمارات الإنترنت على نطاق واسع من العالم. كما أن بروتوكولات الإنترنت ذاتها مفتوحة للجميع، ما أدى إلى انتشار شعار «بروتوكول في كل شيء».

ما نريد قوله في هذا السياق هو أن نموذج أصحاب المصلحة المتعددين يعتبر النموذج الأفضل بالنسبة لوضع سياسات الإنترنت، بدلاً من وضعها من قبل الحكومات، مع أنه يمكن للحكومات أن تشارك في هذه العملية، لكن صوت أصحاب المصلحة يجب أن يكون الأكثر تأثيراً في وضع سياسات الشبكة، ولهذه الأسباب وغيرها يعتقد كثيرون أنه يجب حماية حرية شبكة الإنترنت من قبل مؤسسات تؤمن بالانفتاح وحق الجميع في الاستفادة من هذه الشبكة.

* تكنولوجي ريفيو