الوجه الثقافي للجزائر

13-03-2019
يوسف أبولوز

اقتربت الكاتبة الجزائرية «آسيا جبّار - 1936-2015» من جائزة نوبل أكثر من مرّة بالترشيح العالمي الرفيع - تم ترشيحها للجائزة في العام 2009- وعلى رغم حسّها الروائي الإنساني، وبخاصة نحو المرأة وحقوقها وقضاياها، فإنها لم تنل نوبل «ذات الحسابات الخارجية أحياناً وربما كثيراً عن الحسابات الأدبية».. لكن صاحبة «نساء الجزائر» و«الجزائر البيضاء» هي علامة أدبية عالية القيمة الأدبية والثقافية في ذاكرة بلد المليون ونصف المليون شهيد، رغم أنها عاشت كل حياتها في فرنسا، وجلست على كرسيّ أكاديمية اللغة الفرنسية، وعرفها المشرق العربي روائية لامعة لها وزنها الأدبي عند كاتبات الرواية العربية بشكل خاص.

ولكن، هل تُختزل الكتابة الروائية أو الكتابة الأدبية في الجزائر في شخص آسيا جبّار وحدها؟؟.. والإجابة (لا) بالقطع، فالجزائر تراث أدبي ثقافي عريق، وإن كتب أغلبه في النصف الأول من القرن العشرين باللغة الفرنسية.. إن روح هذا الأدب هي روح عربية جزائرية، ولعلّنا هنا نذهب إلى شاعر الجزائر، أو ما يطلق عليه شاعر الثورة الجزائرية مفدي زكريا 1908-1977 الذي كتب النشيد الوطني الجزائري بلغة عربية ذات فصاحة مكينة.

التراث الأدبي الجزائري عريق منذ عائلة «عمروش» الجزائرية الأمازيغية، والجذر الأدبي لهذه العائلة امرأة تدعى فاطمة آيت منصور عمروش 1882-1997 وكانت تكتب بلغة القبائل، وهي أم الشاعر الجزائري جون عمروش 1906-1962، وأم الكاتبة والمغنية الجزائرية طاووس عمروش 1913-1976، وتفيد الموسوعة الحرّة أنها في العام 1947 أصبحت أوّل امرأة جزائرية نشرت رواية.

يشير التاريخ الثقافي الجزائري المبكّر أيضاً إلى الأديب مولود فرعون 1913-1962 الذي تقول سيرته الذاتية بأنه اغتيل على يد منظمة سرّية فرنسية، وتُنسب إليه عبارة «.. أكتب بالفرنسية، وأتكلّم بالفرنسية، لأقول للفرنسيين إني لستُ فرنسياً..». وهذه العبارة تذكّرنا بعبارة الكاتب الجزائري مالك حدّاد 1927ــ 1978 - الذي قال: «.. الفرنسية منفاي، والعربية وطني»، و الكثير من الكتّاب الجزائريين المحسوبين على «الفرانكفونية» تجري العربية في عروقهم وفي دمائهم، وهم ركن مهم في الثقافة العربية، سواء قرأناهم مترجمين إلى لغتهم الأم التي يتعذر على الكثير منهم الكتابة بها أم قرأهم الغرب الأوروبي بالفرنسية.

يكتب محمد ديب 1920-2003 بالفرنسية، لكنه مقروء بالعربية في نتاجاته المتعدّدة: رواية، قصة، مسرح، شعر، أما كاتب ياسين 1929-1989، فهو الآخر «أدب فرنسي بروح جزائرية عربية»، وعرف القارئ العربي المشرقي روايته «نجمة» بشكل خاص، ويكتب الشعر إلى جانب الرواية.

أعلامُ الجزائر الروائيون والشعراء لهم اعتباريتهم الأدبية والإبداعية في المشرق العربي: واسيني الأعرج، الطاهر وطّار، رشيد بوجدرة، رشيد ميموني، الطّاهر جعّوط، أحلام مستغانمي، وغيرهم ممّن ولدوا في النصف الأول من القرن العشرين أو بعده بقليل من السنوات.

yabolouz@gmail.com