من لا يخطئ لا يجرب

13-03-2019
شيماء المرزوقي

على الآباء والأمهات والمعلمين والمعلمات، التنبّه لنقطة جوهرية ومهمة عند التعامل مع أخطاء الأطفال والنشء، حيث يجب عليهم عند معالجة تلك الأخطاء، النظر إلى نوع الخطأ وقصته وكيف نما وحدث، وعدم اللجوء نحو العقاب كردّة فعل وتحت حجة التربية، لأن العقاب البدني والنفسي دون فهم ومعرفة منبع خطأ الطفل، ممارسة غير سليمة وغير صحية.

إن كنا نحرص على تنمية العقل وموهبة الإبداع في عقول أطفالنا، فيجب أن نفهم الطريقة التي بسببها وقع في ذلك الخطأ، فمن السهل ومن المريح أن نرجع السبب إلى عدم تربيته أو إلى انفلاته الخلقي أو إلى عدم تعلمه ضوابط السلوك الصحيح، وغيرها من القائمة الطويلة التي يندرج تحتها متطلبات ضبط الطفل والسيطرة على سلوكياته، لكن التحدي دوماً هو في التعمق في جوهر الخطأ ومحاولة إخراج السبب الحقيقي الذي دفع الطفل للخطأ، وعندها قد نفاجأ بالنتيجة، والتي ستكون بعيدة عن السلوك غير المنضبط.

لدينا، ولله الحمد، قدرات تربوية عالية وعلى وعي تام وعلم بمختلف الطرق والمدارس التربوية، ولكنني أوجّه النصيحة بشكل عام وخاصة لكل أب وأم، بالتنبه لعملية الترصد للطفل ومراقبته ومراقبة تحركاته وكأن هناك جهاز رادار، وظيفته رصد مخالفات وأخطاء ذلك الطفل.

يجب الإدراك أن الحركة والفعل والاكتشاف، تعد جزءاً من سلوك الطفل في مقتبل العمر، وقد ينتج عنها البعض من التصرفات الخاطئة والأفعال غير المستحبة، إلاّ أن معالجتها بقسوة وعنف تعني تخويف الطفل، ومصادرة حقه بالاكتشاف والتعلم، وأيضاً غرس بذور الكسل وقتل موهبة اكتشاف المعرفة مبكراً.

قد يغيب عن البعض، أن للخطأ وظيفة حيوية ومهمة في مجال العلوم، وأن كل تلك المخترعات والكشوف التي حققتها البشرية، لم تكتمل إلاّ بعد سلسلة من الأخطاء، بل إن العلماء أنفسهم كانوا يتباهون بالأخطاء ويعلنون عنها، ولم يكونوا يسمونها أخطاء، مثل عالم الكيمياء هاري كروتو، الذي بيّن أن عدد تجاربه التي أخطأ فيها حوالي 95% من جميع تجاربه، وقال: «بالطبع فإن الخطأ ليس هو الكلمة الصحيحة، وإنما أنت تكتشف ما لا يصلح». وعالم الفيزياء الشهير ألبيرت أينشتاين كان له أيضاً رأي صريح عندما قال: «من لم يخطئ لم يجرب أبداً أي شيء جديد».

أطفال اليوم هم علماء الغد، اتركوا لهم حرية الحركة والاكتشاف دون أن يؤذي أحدهم نفسه، ناقشوهم عند الخطأ، واستمعوا إلى وجهات نظرهم، وستذهلون أن السبب مختلف تماماً عمّا نحسبه نحن الكبار.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com