مصير كنوز التراث

12-03-2019
عبداللطيف الزبيدي

هل إذا صحّت النظرة القلقة إلى التراث، فمصير إبداع ماضينا إلى ضياع؟ ليس من السهل اللامبالاة إزاء التصورات والمشاهد المحتملة، التي ستلاقيها كنوز حضارتنا الماضية، في عصر أضحت السنة فيه تعادل تاريخاً.هذا الكلام ليس جزافا. البرهان: حجم البيانات(ديتا)الذي أنتجته البشرية طوال التاريخ حتى سنة 2003 ، تجاوزه حجم البيانات الذي راكمته الإنسانية في عام 2014، فقط وفقط! ستكون محاور المشاغل مختلفة كليّا لدى الأجيال المقبلة، أي مواليد اليوم، ولن يكون لهم صبر على فكّ رموز لغة القدامى، التي ستلوح لأعينهم مشفّرة.
من ميراثنا، نلقي نظرة زوم على إرثنا الأدبي فحسب.كم نسبة التفاؤل لدى جنابك بأن أبناء العشرين سنة فصاعدا، ستكون لهم مقدرة(أمّا الوقت والرغبة فهيهات)على فهم بيت أو سطر من ثقافتنا الكلاسيكية. منتصف القرن بعد ثلاثة عقود، ذلك بعيد، فماذا عن شباب حاضرنا؟حديثنا ليس بكائية، فالهدف كبير مرتبط بأوضاع العالم العربي. تقصيرنا أننا أسأنا إلى تراثنا حين ألقينا به إلى حيث ألقت. نحن نبالغ كثيراً إذا ادّعينا أن بوارق الأفكار وعيون الشعر والنثر، تحيا بيننا في زماننا، ونستمدّ منها الفكر الحديث، ونشق بها المسالك، إلى النجاة من المهالك، ونستلهم منها صناعة المستقبل والتاريخ. مثلا: ما الذي استفاده العالم العربي من ميراث المعري، القمة القدوة في حريات الفكر والرأي والتعبير؟ لم نر شيئاً غير الابتذال والسقوط الأدبي في وصفه بأنه زنديق، بل إن الكثيرين رموه بأقذع السباب واتهموه بالإلحاد. همّ آخر: طوال قرون لم تكتشف الأنظمة العربية في مقدمة ابن خلدون وتاريخه، ما يجبر عظامها الكسيرة في السياسة والاجتماع والاقتصاد، وينير لها الدروب بروائع فلسفة التاريخ. عندما نتأمل ما تفعله الصين بتراثها في التاوية والكونفوشيوسية، تحييه وتبعثه نابضاً نضراً ناظراً، بينما مرّ عليه خمسة وعشرون قرناً.
لزوم ما يلزم: النتيجة التواضعية: لماذا العجب، وأهم اكتشافات ميراثنا غير عربية؟

abuzzabaed@gmail.com