مستقبل تحدده المواهب لا الرغبات

12-03-2019
شيماء المرزوقي

يؤكد الكثيرون من العلماء في مجال علم النفس والتربية والذكاء، أن لدى كل إنسان طاقاته ومواهبه ومكمن تفوقه ونجاحه، وأن المعضلة أو الصعوبة تكمن دوماً في التعرف على هذه القدرات وكيفية توظيفها لتصبح واقعاً معيشاً.

إن أمعنّا النظر والتدقيق في كثير من قصص الإخفاق والفشل، التي مرت بالكثير من المبدعين والموهوبين في بداية حياتهم ثم نجاحهم وتفوقهم، ندرك أن قضية اكتشاف تلك القدرات وتوجه تلك الطاقة وما يختزل في النفس والعقل من موهبة، عملية حيوية ومهمة، وأن المشكلة دوماً أننا لا نلتفت لها ولا نعرف الطريقة المثلى في اكتشاف هذه الموهبة ولا الكيفية المثلى لتفجير تلك الطاقة التي يتمتع بها أقرب الناس لنا، وهذا الجهل يقودنا نحو الحكم عليهم بأحكام ظالمة لا تمت للواقع بأي صلة.

يقول الدكتور كين روبنسون، والذي يعد أحد رواد صناعة الإبداع والابتكار والموارد البشرية، في كتابه «حرر أفكارك تعلم أسرار الابتكار»: «عندما يجد الناس الوسيلة المناسبة، فإنهم يكتشفون طاقاتهم الإبداعية الحقيقية، ويصبحون مفيدين وناجحين، ومساعدة الناس على التعامل مع طاقاتهم الإبداعية الشخصية، هي السبيل الأنسب ليقدموا أفضل ما لديهم».

الناس بصفة عامة بحاجة في أحيان، إلى اكتشاف ميولهم ومواهبهم، بحاجة إلى مساعدة في معرفة أين يمكن أن يصلوا، وأخص بالذكر أبناءنا وهم في مقتبل الحياة وعلى مشارف المستقبل الجديد، حيث يوجد بيننا من يعطي نفسه، حق تحديد مصير مستقبل ابنه ومسيرته العلمية وتوجّهه المهني، وعندما يُخفِق، يتم إلقاء اللوم على الابن بشدة ويُوصَم بالفشل وعدم الجد، على سبيل المثال: أبٌ يُلزم ابنته بدراسة الطب، ورغم تفوقها واجتهادها، لا تتمكن من إكمال دراسة هذا المجال، ليس لصعوبته ولكن لأنها لم تجد نفسها وتشعر أنها بعيدة عنه، وعندما أخذت زمام المبادرة وقررت اختيار طريقها ومستقبلها، تخرجت في كلية الحقوق، الأولى على دفعتها، وهي اليوم صوت نسائي في الدفاع عن الحقوق والمساعدة في التوعية في المجال القضائي.

نحن نحب أن نرى أطفالنا في أعلى المراكز والوظائف، لكننا ننسى أن هذه المكانة يجب أن تُحدَّد وفق القدرات والمواهب والطاقات الذاتية، وليست وفق رغبات الأهل، مهمتنا أن نساعد أطفالنا على اكتشاف مواهبهم وقدراتهم، مهمتنا أن نرشدهم نحو الطريق وفق طاقاتهم وقدراتهم العقلية، لا أن نملي عليهم رغباتنا وما نريده نحن.. هم مختلفون عنا، يحتاجون إلى المساعدة في إنارة الطريق لا أكثر.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com