بكائية الطفل

12-03-2019
فيصل عابدون

تعرض المنظمات الدولية ذات الصلة، تقارير صادمة عن أوضاع الأطفال في العالم، بما في ذلك الإحصاءات المروِّعة بحجم القتلى والمهددين بالموت، بسبب النزاعات المسلحة والمجاعات وانتشار الأمراض والأوبئة خلال العام الماضي 2018، والمخاطر التي تحيق بهم في العام الجديد، وربما لسنوات كثيرة قادمة.
وهي إحصاءات وتقارير تكشف أن عالمنا الذي نعيش فيه، لا يزال أرضاً للوحشية وسيادة قانون الغاب والبربرية، على الرغم من أنف الحضارة وثقافة العولمة، وتطور دساتيرها المتعلقة بصيانة حقوق الإنسان، ومعاقبة الانتهاكات الفردية والجماعية، وعلى الرغم من أنف التطورات الهائلة في مجالات التكنولوجيا والفنون.
لقد تعرض الأطفال الذين يعيشون في بلدان تشهد حروباً، إلى الهجوم المباشر، كما استخدموا كدروع بشرية، وقتلوا وشُوِّهوا وجُندوا للقتال. لقد أصبح الاغتصاب والزواج القسري، والاختطاف، تكتيكات مألوفة في النزاعات، من سوريا إلى اليمن، ومن جمهورية الكونجو الديمقراطية إلى نيجيريا وجنوب السودان، وميانمار
وأفغانستان؛ إذ لا يزال العنف وسفك الدماء حدثين يوميين، حيث قتل أو شُوّه نحو 5000 طفل في الأشهر التسعة الأولى من عام 2018 (نفس عدد عام 2017 كاملاً)، كما يشكل الأطفال 89% من الضحايا المدنيين الذين تفتك بهم مخلفات الحرب القابلة للانفجار.
وفي ميانمار أدت الانتهاكات المستمرة وأعمال القتل والاختفاء، والاعتقالات التعسفية، إلى ظهور جيل ضائع من أطفال الروهينجا.
وفي حين تواصل جماعات الإرهاب شمال شرقي نيجيريا، استهداف الفتيات وتعرضهن للاغتصاب، واستخدامهن «قنابل بشرية»، يبدو وضع الأطفال في حوض بحيرة تشاد كالحاً. وأدى استمرار الصراع والتهجير، والهجمات على المدارس والمدرِّسين والمرافق التعليمية الأخرى، إلى تعريض 3.5 مليون طفل للخطر.
وخلف العنف العرقي والمعارك بين الحكومة والميليشيات في الكونجو الديمقراطية، آثاراً مدمرة على الأطفال، وزاد من سوء الأوضاع تفشي مرض الإيبولا، وعجز المنظمات الدولية عن تقديم العون للأطفال المصابين والمعرضين للإصابة، بسبب انتشار الفوضى في مناطق القتال. أما في العراق، فإن الخطر يتربص بالأطفال والأسر العائدة إلى ديارها في مناطق متأثرة سابقاً بالعنف الشديد، بسبب الذخائر غير المنفجرة.
ولقي أكثر من 50 طفلاً فلسطينياً حتفهم وأصيب مئات آخرون في الأراضي المحتلة العام الماضي، بينما كانوا يتظاهرون ضد تدهور الأوضاع المعيشية في غزة.
ويقول مدير برامج الطوارئ في منظمة اليونيسيف مانويل فونتين، إن مرور الذكرى الثلاثين لاتفاقية حقوق الطفل، والذكرى السبعين لاتفاقيات جنيف، تصادفت مع تزايد حجم النزاعات المسلحة، وتعرض مزيد من الأطفال العالقين بين خطوط القتال، إلى الهجوم المباشر، واستخدامهم دروعاً بشرية، وإلى القتل والتشويه وتعريضهم لمخاطر مميتة، واستخدامهم جنوداً في الاقتتال، كما تعرضوا للانتهاكات الجنسية والزواج القسري والاختطاف.
وبينما تسجل المنظمات الدولية أنواع المعاناة والانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال في مناطق النزاعات، مع فشل الزعماء في حمايتهم، أو محاسبة مرتكبي الانتهاكات بحقهم، فإنها تؤكد مراراً أن العالم الذي نعيش فيه، يفتقر لشبكة أمان للأكثر ضعفاً وقليلي الحيلة، وأن الدول الكبيرة وقادتها، يستمرون في خذلانهم للأطفال عندما تُنتهك حقوقهم في الحياة والكرامة والأمن.

Shiraz982003@yahoo.com