علموا أطفالكم أحلام اليقظة

11-03-2019
شيماء المرزوقي

يقول العلماء، إن الخيال والتخيل لدى الإنسان، هما الخاصية التي مكنته من التطور والسيطرة على مختلف جوانب الحياة على الكرة الأرضية، أما حول العقل فإنهم يؤكدون أن الحيوانات تملك عقولاً توجهها نحو الحذر من الخطر، والهروب من المفترسات، وبواسطتها تدرك أين تقع الحقول الخصبة والأراضي الخضراء والماء الوفير.

عقول الحيوانات ترشدها لمعرفة أوان فصول السنة المختلفة، وما تحتاج إليه في كل فصل منها، لكن تلك الحيوانات تفتقر لخاصية مهمة، وهي التخيل والخيال، وعدم قدرتها على التخيل منعها من التطور، وحدّ من قدراتها على التميز والسيطرة. وافتقار الحيوانات للخيال جعل منها كائنات تعيش للحظتها، وتوظف عقولها لمساعدتها على تحقيق تلك اللحظة وحسب.

الإنسان منحه الله القدرة على الخيال، وهي التي جعلت لديه كل هذا الطموح والشغف والتطلع نحو المستقبل، ونجد في إرث البشرية الكثير من الشواهد التي تدل بشكل واضح لا لبس فيه على أن معظم مخترعاته ومبتكراته بدأت من التخيل والخيال، بدأت من عقل قادر على رسم صور ذهنية كحلول للمشاكل التي تعترض وتوجه الإنسان.

على سبيل المثال، عمليات الصيد البدائية واختراع الإنسان للرماح والسهام ونحوها، بدأت بمشاهدات الإنسان لتلك القرون الحادة التي على رؤوس بعض الحيوانات، واستخدام الحيوانات تلك القرون للدفاع عن نفسها أمام المفترسات، أو عند عراك الذكور بعضها مع بعض. تخيل الإنسان القديم أنه ينزع تلك القرون الحادة، ويحملها معه ويستخدمها في الدفاع عن نفسه، الحال نفسه عندما يشاهد الإنسان في فجر التاريخ الحيوانات ذات الوبر الكثيف، وهي تتنقل بين الثلوج وفي المناطق شديدة البرودة شتاء، من دون أن يقضي عليها البرد، أو أن تتعرض لانخفاض درجة حرارة جسدها، فأدرك بعقله أن السبب كثافة الوبر الذي يغطيها، لكن قوة الخيال سمحت له أن يتخيل نفسه وهو ينزع ذلك الوبر الكثيف بعد صيد تلك الحيوانات، ويقوم بارتدائه ليحميه من البرد. بل لعل اكتشاف النار، جاء عند رؤية قوة النار وهروب الحيوانات منها، وفائدتها في التدفئة وطهي اللحوم، فبدأ عملية تخيل في السيطرة عليها، والتفكير ملياً بالكيفية والطريقة، حتى وضع يده بشكل تدريجي عليها، وتمكن من السيطرة على النار.. الذي أصِلُ له، هو نصيحة أوجهها لكل أم وأب، ولكل معلم ومعلمة، شجعوا أطفالكم على التخيل وبناء الأحلام، علموهم أن معظم مخترعات ومبتكرات الإنسان كانت في يوم ما عبارة عن أحلام يقظة ولا أكثر.

Shaima.author@hotmail.com

www.shaimaalmarzooqi.com