إعلانات المشاهير

09-03-2019
راشد محمد النعيمي

فجأة تحولت وسائل التواصل الاجتماعي وقنواتها المختلفة ومشاهيرها في مختلف المجالات، إلى وسائل إعلانية لا تكلّ ولا تملّ، من التسويق للمنتجات والخدمات والترويج للمطاعم والتنزيلات والتخفيضات والتصفيات والمعارض، والإيحاء للمتابعين بأن ما يروجون له هو فرصة العمر التي لا يجب تفويتها، لتكون الحصيلة إقبالاً منقطع النظير، وزحاماً لا يوصف على تلك المحلات، دون تدقيق أو تمحيص في ماهية العروض ومدى ملاءمتها أو حاجة المتابع لها من الأساس.
لم تقف الأمور عند حد السلع والخدمات؛ بل طالت أموراً أخرى كعمليات التجميل وتخفيف الوزن من تكميم وقص معدة وغيرها، وباتت الكثير من تلك الدعايات تضم مغالطات خطيرة قد ينجم عنها تأثيرات سلبية على صحة الأفراد الذين ينساقون خلفها، بسبب أن فلاناً من المشاهير يسوّق لها ويمدحها، ويؤكد أنها مفيدة ولا خطورة من إجرائها، دون إدراك أن فلاناً هذا تقاضى مبالغ مادية للترويج والإعلان، وأن الموضوع برمته مجرد إعلان لا يتحمل أي مسؤولية تجاهه، وأن ما نراه من تسويق خلال معظم ساعات اليوم ومحتواه من المشاهير، هي إعلانات مدفوعة وليست تجارب شخصية موثوقة كما يظن كثير من الذين ينجرفون وراءها.
من المؤسف أن يفقد المتلقي، القدرة على التمييز والتأني في الاختيار، ودراسة الخطوات التي سيقبل عليها ومدى حاجته إليها، ويسارع دون وعي إلى الوقوع فريسة لتلك الإعلانات، بسبب أن هذا المروّج الشهير، الذي يتابعه الناس بالملايين ويؤثر فيهم وفي سلوكياتهم، يتخلى عن القيم والمبادئ ولا يفكر ولو للحظة فيما يقول، بسبب الرغبة في جني المال فقط، بعد أن سكنه الطمع واستخدم متابعيه وسيلة لتحقيق هذا الهدف.
قد يكون الإعلان عن طريق المشاهير وسيلة جديدة وناجعة للعديد من الشركات والمؤسسات، خاصة في هذا العصر الذي أصبحت فيه وسائل التواصل الاجتماعي، الأكثر انتشاراً وتأثيراً، لكن موضوع التضليل في المعلومات أمر غير مقبول، ويتجرد من الأخلاقيات ويؤثر في الجمهور الذي يتسرع في اتخاذ قراره، اعتقاداً منه أن ما هو بصدد القيام به نتاج تجربة شخصية رآها ووثق فيمن رواها، وحتى في ظل الضوابط المعمول بها لتنظيم عملية التسويق التي يقوم بها المشاهير، هناك أمور لا تخضع لرقابة ومتابعة تمرر يومياً، وتؤثر في قادم الأيام خاصة إذا لم تمر بصيغة الإعلان؛ بل كأنها سلوك عادي يمارسه صاحب الحساب.
ما نراه اليوم على أرض الواقع، هو أمر بالغ الخطورة يحتاج إلى وعي من المستهدفين، وإعادة النظر في السلوكيات المرتبطة بالتأثر بحسابات المشاهير ومحتوياتها، فالأمر لا يقف عند حد الإعلانات المدفوعة والتسويق؛ بل يتعدى ذلك إلى تأثر بالسلوك ونمط الحياة وهو الأخطر الذي سنعاني منه خلال الفترة المقبلة، نحن بحاجة إلى اختيار من نتابع ومدى استفادتنا من المضمون الذي يقدمه.

ِALNAYMI@yahoo.com