نجم يسقط عن عرشه

09-03-2019
مارلين سلوم

مهما برع الفنان وتألق وأبدع، ومهما حصد من جوائز وشهرة وملايين الأموال والمعجبين، إلا أنه لن يستطيع إخفاء ذاته، وأخلاقه، وسلوكاته خلف تلك الأضواء، كأن حب الناس له «أعمى»، وسيغفرون الذنوب مهما فعل.
الجمهور لا يشكل ستاراً لأحد، بل صار أكثر من أي يوم مضى صاحب الكلمة المؤثرة، والقادرة على منح الفنان حقه من التكريم، أو التشويش عليه، ويصل الأمر أحياناً إلى محاسبته، و«محاكمته» على وسائل التواصل الاجتماعي، والتسبب بتراجع نجوميته، أو الترويج لأعماله.
حين عرض الفيلم الوثائقي «ليفينج نيفرلاند»، أو «الخروج من نيفرلاند»، في مهرجان صندانس السينمائي في يناير/ كانون الثاني الماضي، أثار ضجة إنما محدودة، بسبب تناوله حياة نجم البوب الراحل مايكل جاكسون، ليثبت عليه تهمة التحرش بالأطفال. وقتها غضبت أسرة الفنان، واحتجت على الفيلم الذي أخرجه دان ريد، وقدم فيه اثنين من «ضحايا» جاكسون.
لا غضب الأسرة، ولا عرض الفيلم في المهرجان، استطاعا أن يؤثرا في نسبة الإقبال على أغاني النجم، أو بثها، إنما «غضب الجمهور» فعَلها؛ وكان كافياً أن تعرض محطة «إتش بي أو» الأمريكية هذا الفيلم، قبل أيام، ومشاهدة الآلاف له، لتسرع مجموعة من الإذاعات العالمية إلى وقف بث أغنيات جاكسون «نزولاً عند طلب المستمعين».
أربع ساعات من البث التلفزيوني لفيلم وثائقي عن نجم تربع على عرش الشهرة سنوات طويلة، وصنع لنفسه إمبراطورية، كانت كافية ليصدر المستمعون حكمهم على ملك البوب، مصدقين شهادة من تعرضوا للتحرش، وغير عابئين بكل القضايا التي رفعت ضده في المحاكم، ومنها ما بقي معلقاً، ومنها ما برأه من التهمة.
الجمهور حكَم على المغني، فأسقطه عن عرشه، حتى إن كان ميتاً؛ فالأعمال لا تموت، والسمعة لا تموت، والحقائق لا بد أن تبقى حية، وتخرج إلى النور مهما طال الزمن. وتفاعل الناس عبر المواقع والرسائل أثمر فعلياً، واستجابت له وسائل الإعلام، خصوصاً الإذاعات، فبادرت إلى حجب أغانيه.
قد تظهر براءته يوماً ما، أو على العكس، ربما تنكشف حقائق أكبر، وأخطر، لكن المهم أن كل الأضواء، وبريق الشهرة، والتبرج، و"الصورة الجميلة" التي يحرص أي فنان على تقديمها، لا تستطيع أن تخفي جمال، أو بشاعة روحه، وأخلاقه. كل فنان يمكنه أن يتجمل كيفما شاء، وهذا من حقه، ولكن «فساد الأخلاق» لا تبرره نجومية، ولا تمحوه الذاكرة، ولا بد أن يسقط النجوم من عليائهم.

marlynsalloum@gmail.com