لافروف في الخليج

09-03-2019
د. حسن مدن

يمكن الاستدلال على أهمية المباحثات التي أجراها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف في جولته الخليجية، من خلال مجموعة من الأفكار المهمة التي طرحها، في مقابلة مع قناة «آر. تي»، نائبه ميخائيل بوجدانوف، الذي هو في الوقت نفسه المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي رافق لافروف في جولته.

ولعل أهم ما يستوقفنا في تصريحات بوجدانوف، تنويهه إلى ما قاله سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير الخارجية والتعاون الدولي، من أن غياب الوجود العربي في سوريا، أدى إلى تزايد الوجود الإيراني والتركي فيها، وينمّ هذا التنويه الروسي عن وعي، لا بضرورة عودة العرب إلى سوريا فحسب، وإنما استشعار أيضاً بمخاطر الوجودين التركي والإيراني هناك، في الأفقين المنظور والبعيد.

مزيد من الضوء نجده في أجزاء أخرى من حديث نائب وزير الخارجية، حين أقرّ، في إجابته على أحد الأسئلة، بوجاهة تحذيرات الدول الخليجية من تغيير الواقع الديمغرافي السوري بما يعزز النفوذ الإيراني، قائلاً إن الكثير حدث إبان الحرب، ومضيفاً إلى ذلك أيضاً أن عرباً وآشوريين يلفتون النظر إلى قيام بعض التشكيلات الكردية، بممارسة السياسات التوسعية بدعم من واشنطن، وهذا شأنه شأن التمدد الإيراني، غير مقبول.

ولم ينفِ بوجدانوف مخاطر التمدد التركي في شمال سوريا، مرجعاً ذلك إلى فراغ السلطة، حيث قام تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية، بانتحال صفة الدولة أو الجيش في بعض المناطق من الشمال السوري والجنوب وما وراء الفرات.

علينا أن نلاحظ أن أقوال بوجدانوف هنا، موجهة لشريكي روسيا في إطار «آستانا»، أي تركيا وإيران، في الثلاثي الذي يقدم نفسه كضامن لاتفاقات الفرقاء السوريين، في السلطة والمعارضة، ما يعني اختلاف أجندات الأطراف الثلاثة، وربما تناقضها تجاه الوضع في سوريا ومستقبلها.

فالمرجح أن الروس لن يرغبوا بعد حين، أن يظل لكل من إيران وتركيا، ما لهما من تأثير في المعادلة السورية، وأن موسكو تنطلق في التفاهمات الثلاثية الجارية الآن بينها من جهة، وأنقرة وطهران من جهة أخرى، من التسليم بمعطيات الوضع الراهن، لكن ليس بغاية تكريسها إلى ما لا نهاية، إنما بالعمل التدريجي على تفكيكها عندما يمكن بلوغ تسوية مقبولة للنزاع.

من هذه الزاوية بالذات، يأتي التعويل الروسي على الحضور العربي، الخليجي بصفة خاصة، في سوريا، باعتباره أمراً ضرورياً في مواجهة حضور إقليمي، تركي وإيراني، يتناقض مع أهداف منظومة الأمن العربي المنشودة.

madanbahrain@gmail.com