مهلاً أيتها المدارس

08-03-2019
محمد إبراهيم

على الرغم من الجهود التي تبذلها المجالس والهيئات التعليمية لضبط إيقاع عمل المدارس الخاصة، لاسيما الذي يتعلق بالرسوم الدراسية وطرق تحصيلها، فإن بعض المدارس لم تقدر تلك الجهود، ولم تعِ بعد الدور الذي وُجدت من أجله.
فمنذ ثلاثة أسابيع تقريباً، تدخلت هيئة الشارقة للتعليم الخاص، لإيقاف تجاوزات بعض المدارس الخاصة التي فرضت على أولياء الأمور سداد القسط الأول من الرسوم الدراسية للعام المقبل 2019-2020، على الرغم من عدم انتهاء الدراسة هذا العام؛ بل ما زال فصلها الثاني مستمراً، ولدينا أيضاً فصل دراسي ثالث بكامل تفاصيله، لم يبدأ بعد.
نعم.. جاء تعميم الهيئة واضح التفاصيل، شديد التنبيه على التزام المدارس بعدم المطالبة برسوم العام الدراسي الجديد؛ إذ يتنافى ذلك مع المادة 52 من اللائحة التنفيذية للقانون الاتحادي رقم 28 لسنة 1999، التي أتاحت استيفاء رسم القبول والتسجيل بحد أقصى 500 درهم فقط، قبل بداية العام الدراسي، ويتم خصمها من الرسوم لاحقاً.
ولكن كعادتها لم تلتزم بعض المدارس بما جاء في مضمون التعميم، ضاربة عرض الحائط باللوائح والقوانين التي تحكم عملها، وذهبت تبعث رسائل تحذيرية لأولياء الأمور بسرعة سداد رسوم العام المقبل، لتجنب فقدان المقعد الدراسي لأبنائهم، العام الدرسي الجديد.
نعلم جميعاً أن بعض المدارس الخاصة لديها أشكال وأنواع مختلفة من الأساليب تستخدمها لتحصيل رسومها، فبعضها يوقف الطلبة عن ركوب الحافلات لحين السداد، وبعضها الآخر يمنع دخولهم للفصول، ليبقوا طول اليوم في مدرسة لا تمنح العلم إلا لمسددي الرسوم، وبعضها الثالث يمنع الطلبة من الدوام أساساً برسائل أكثر استفزازاً.
إذا اعتبرنا أن تلك السلوكيات ليست تجاوزات ينبغي أن يعاقب فاعلوها، فإنها طرق غير مقبولة في التعامل مع الطلبة، ترفضها رسالة العلم التي وُجدت تلك المدارس من أجلها، وتنبذها العلاقات الإنسانية التي تربط بين الطالب ومدرسته.
وللأسف، إن كانت الجهود من حولنا تتضافر وتسارع الخطى لبناء أجيال قادرة على مواجهة تحديات المستقبل، لديها من العلم ما تواكب به متغيراته ومستجداته، فإن تلك المدارس ما زالت تفكر في كيفية تحقيق الأرباح والتحايل على اللوائح والقوانين، وعدم احترام الجهات المعنية بالإشراف على آليات عملها.
نحترم السياسة الداخلية لكل مدرسة خاصة، ولكن نحترم أكثر اللوائح والقوانين التي تحكم عملها؛ لذلك ندعو تلك المدارس إلى العودة إلى صوابها، وتغيير فكرها لتعي وتتوقف عن منح نفسها صلاحيات دون وجه حق، وتنخرط فيما تطمح إليه الإمارات لأبنائها في المستقبل القريب.
ونقولها صراحة، مهلاً أيتها المدارس، ورأفة بأولياء الأمور والطلبة، فالتعليم ليس «بزنس» ولا سلعة تباع وتُشترى، ومنظومته لم تُدر أبداً وفق أهواء البعض، وتقديم المعارف خدمة نبيلة تتجاوز الماديات، وبناء الأجيال رسالة لا يقدرها المال.

Moh.ibrahim71@yahoo.com