جهود صون التراث

08-03-2019
شيخه الجابري

تبذل المؤسسات المعنية بالتراث في الدولة الكثير من الجهود لجمعه وتدوينه وتوثيقه، ومن ثم صونه من الاندثار، وذلك بمحاولات تسجيل عناصره المهمة في قائمة التراث العالمي باليونيسكو، وتمكنت الدولة بفضل من الله تعالى وجهود أبنائها من تسجيل عناصر متعددة كالصقارة والسدو والعيالة والعازي وغير ذلك، وتستمر هذه الجهود بشكل مكثّف وحثيث لتسجيل عناصر جديدة في القوائم العالمية.

غير أن الذي يسود هذه الجهود هو تعددها وعدم اتفاقها في الخروج بملف واحد باسم الدولة، ربما يعود ذلك لتعدد الجهات المعنية بالفعل الثقافي، ولكن هذا لا يعني أن نذهب للمنظمات الدولية كما يقول المثل «كلٍ على راسه» وإنما الذي ينبغي أن يحدث أن يتم تسجيل هذه العناصر عن طريق وزارة الثقافة وتنمية المعرفة باعتبارها هي المظلة، وهي الجهة المخوّلة بحماية وصون الثقافة المحلية بكافة أشكالها ومن ثم المحافظة على العناصر الأخرى كاللغة والهوية من الاندثار.

ومن المعروف دولياً أن تقديم الملفات لا يتم بشكل فردي بمعنى إمارة دون أخرى، ولكن يلزم أن تُقدم الملفات باسم الدولة وبالتضامن مع دول شريكة أخرى تتقاطع معنا في ذات العنصر، ولذا من المهم أن يتم تقديم الملفات عن طريق وزارة الثقافة باعتبارها المعنية بذلك، ولها جهود سابقة في هذا المجال، وعملنا معها في عديد من الملفات الخاصة بالتراث من خلال اللجنة العليا لجرد التراث غير المادي.

الذي جعلني أكتب في الموضوع أولاً أنني أعمل في هذا المجال منذ سنوات عديدة، وثانياً لإيماني بأننا وطن واحد، وأن جهود مؤسساتنا يجب أن تكون موحدة، وشاركتُ شخصياً خلال هذا العام في عدة ورش لتسجيل عناصر التراث الإماراتي وفي أكثر من جهة وكانت أمنيتي أن أشارك في ورشة واحدة تجمعنا بجهود مشتركة من أجل تقديم الملفات باسم الدولة لأنها في نهاية الأمر ستُقدم بهذا الشكل فلمَ لا يحدث ذلك منذ أول خطوة.

في الأسبوع الماضي تهيأت لي الفرصة للقاء سلمى الدرمكي وكيل وزارة الثقافة المساعد لقطاع المعرفة والسياسات الثقافية، ودار بيننا حوار طويل حول عمل الوزارة وما تؤديه من أدوار ووجدت لديها الترحيب التام والاستعداد لتبني المبادرات التي تخدم الوطن، وأعتقد أن مبادرة توحيد الجهة التي ترفع ملفات الدولة لتسجيل عناصر التراث في القوائم العالمية هي إحدى أهم أولويات الوزارة في المرحلة القادمة، لما يمثله ذلك من أهمية كبيرة للتراث وللوطن.

وبما أن بيتنا واحد ومتوحد فينبغي أن تترجم هذه المقولة الغالية إلى فعل حقيقي فهل يحدث ذلك في مقبل الأيام؟ أتمنى.

Qasaed21@gmail.com