بيد وردة وبيد خبز

07-03-2019
نور المحمود

بالخبز والورد انطلق 8 آذار/ مارس 1908 تاريخ حفرته المرأة بعزيمتها وعنفوانها وعرقها ودموعها وبحرقة قلبها، لتنتفض على القهر والذل، وتبدأ مرحلة جديدة مع الحياة.
قبل 111 عاماً، خرجت النسوة من بيوتهن في نيويورك حاملات بيد وردة وباليد الأخرى خبزاً ناشفاً. هكذا غضبت المرأة من الظلم الذي وقع عليها في ذلك الزمن. أبت أن تخضع لنوع من «العبودية» كان يمارسه الرجال وأصحاب المصانع تحديداً، على النساء والأطفال فيجبرونهم على العمل في ظروف قاسية جداً، لساعات طويلة، وبأجور زهيدة للغاية.
يومها كانت المرأة في الغرب تعمل مثلها مثل الرجل في المصانع والحقول، وتتواجد أيضاً في أرض المعركة وقت الحروب، إنما دون أي مراعاة إلى أنها أنثى وأم وزوجة، بل لعل هذه النقاط كانت تؤخذ عليها فيتم تصنيفها كعنصر ضعيف في المجتمع، لا يستحق سوى الأجر الأقل، وممنوع عليه رفع الصوت أو المطالبة بحقوقه الآدمية، بل هو معدوم الوجود في المواقف السياسية، ولا يحق له إبداء الرأي أو التصويت.
لم تولد الحركة النسائية ضد الظلم في ذلك اليوم، بل حاولت المرأة الاحتجاج على وضعها منذ عام 1856، ولم تتمكن من التحرك فعلياً وحفر بصمة مميزة، إلا لاحقاً. ويوم قررت التحرك، حملت الخبز والورد، وكأنها أرادت أن تعكس صورة حقيقية عنها، وأن تكون صرختها بنبض قلب المرأة وخوف وحنان الأم.
امرأة اليوم ما زالت تحمل بيد الوردة، وبيد الخبز. في الدول المتطورة، صار لها أكثر من صوت ووجود، تمثل دولة وتتحدث باسم شعب، ولا تتخلى عن الوردة كرمز لأنوثتها وقوتها ورقتها وأشواكها، والخبز كرمز للقمة العيش التي تجنيها بعرقها وتعبها وتؤمنها لأسرتها سواء كشريكة للرجل أم كبديل عنه في غيابه.
وفي الدول المنتظرة في طوابير القهر حتى ينعم عليها «الكبار» بمفاتيح الحلول لأزماتها، تحمل المرأة أيضاً الوردة والخبز، إنما لتحكي عن حقها المهضوم الذي لم يصل إليها بعد لتحتفل مع باقي نساء العالم في ذكرى «اليوم العالمي للمرأة»، التي تجاوزت المئة عام، وما زالت حلماً بعيد المنال. في دول القهر، ما زال الإرهاب يستغل النساء والأطفال وما زلنا نسمع عن السبايا وصفقات بيع وشراء أطفال وأمهات وفتيات..
ونحن نسير في طريق التسامح والأخوة والإنسانية، والمساواة في التعامل «الآدمي» بين البشر، وكل إنسان أياً كان جنسه أو لونه أو هويته يحصل على حقه في العيش بكرامة، تؤلمنا غصات النساء والأطفال الآتية من جحيم «داعش» ومناطق القهر والتعذيب والاستغلال، ومن دول تفاوض على المكاسب بينما الأمهات والأبناء رهائن تتحكم بهم «الظروف السياسية».

noorlmahmoud17@gmail.com